أبناء عبد السلام ياسين.. عندما يتوارى الفكر ويظهر السِّكين.. أين أخلاق المسلمين؟!

“العنف هو الملاذ الأخير لمن عجز عن الإقناع.” عبارة تلخص المشهد الذي أصبح مألوفاً في الجامعة المغربية، وتحديداً في موقع القنيطرة، حيث تحول الحرم الجامعي إلى ساحة معركة قادها أبناء عبد السلام ياسين. ليلة الأربعاء 4 ديسمبر 2024، تعرض ثلاثة مناضلين من الاتحاد الوطني لطلبة المغرب لاعتداء مسلح ومُنظم من طرف أكثر من 20 فرداً ينتمون لجماعة العدل والإحسان بالقرب من الحي الجامعي الساكنية. الحصيلة: إصابات بليغة لأحد الضحايا، بينما ترك المعتدون بصمتهم السوداء على ذاكرة الجامعة.

الاعتداء، الذي يعكس إفلاساً فكرياً واضحاً، ليس حدثاً معزولاً، بل جزء من سلسلة هجمات متكررة نفذها الياسينيون منذ بداية الموسم الجامعي. هذه الممارسات تُظهر الوجه الحقيقي لجماعة تدّعي السلمية بينما تترصد خصومها في الظلام، محاولة كسر إرادة المناضلين الذين ما زالوا يدافعون عن حقوق الطلبة ويطالبون بمكتسباتهم المشروعة.

الجماعة، التي تحب أن تقدم نفسها كقوة أخلاقية وروحية، أثبتت أن عنفها يتجاوز الشعارات الرنانة التي تحملها. يبدو أن أبناء عبد السلام ياسين قد اختاروا السكين بديلاً للفكر، والاعتداء بديلاً للحوار. ولعل شعارهم الجديد يجب أن يكون: “من لا يتفق معنا، فليتحمل العواقب!”

بلاغ الاتحاد الوطني لطلبة المغرب الذي توصلت جريدة المساء بنسخة منه، لم يكتفِ بإدانة الهجوم، بل كشف عن هدف الجماعة الواضح: تصفية الأصوات المعارضة وفرض هيمنتها على الجامعة. لكن الجامعة ليست ساحة لتصفية الحسابات، بل فضاء للحوار والتعددية الفكرية. وإذا كان أبناء ياسين يعتقدون أن عنفهم سيجعلهم ينتصرون، فعليهم أن يراجعوا التاريخ الذي أثبت أن القوة لا تبني الأفكار، بل تهدمها.

المفارقة أن الجماعة، التي تدّعي أنها تحمل مشروعاً إصلاحياً، لا تتردد في استخدام أدوات التخريب والدمار. فكيف يمكن لمن يرفع شعار “الإحسان” أن يطعن الآخرين؟ ربما هم بحاجة لإعادة تعريف معنى الإحسان، فالمعاجم لا تذكر فيه شيئاً عن السكاكين!

ما حدث في القنيطرة ليس مجرد اعتداء عابر، بل ناقوس خطر يُنذر بأن الجامعة قد تُصبح رهينة لأيديولوجيات رجعية لا تؤمن بالحوار. وعلى المجتمع، بكل قواه الديمقراطية، أن يقف صفاً واحداً في وجه هذه الممارسات التي تُهدد مستقبل الجامعة كفضاء للتنوير والإبداع.

وكما يقول المثل: “من أراد أن يكون قوياً بالسيف، فلن يجد مكاناً له بين العقول.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى