أخطر شخصيات العصر الحديث .. الجولاني قائد الثورة ضد نظام الأسد .. فمن هو ؟!

أبو محمد الجولاني، الاسم الذي ارتبط بالصراع السوري بشكل مباشر، أصبح اليوم أحد أبرز القادة العسكريين والسياسيين في خضم الحرب الأهلية السورية. هذا القائد الذي بدأ حياته في ظل الثورة ضد النظام السوري، أصبح اليوم لاعبًا رئيسيًا في معركة شديدة التعقيد لا تقتصر فقط على الصراع المحلي بل تشمل القوى الإقليمية والدولية التي تسعى كل منها لتحقيق مصالحها الخاصة في المنطقة.

الجولاني وُلد في سوريا في مدينة إدلب في عام 1982، وبرز سريعًا على الساحة بعد انطلاق الثورة السورية عام 2011. في البداية، كان أحد المؤسسين لجبهة النصرة، الفرع السوري لتنظيم القاعدة، والتي أعلنت في عام 2012 عن تشكيلها كجماعة جهادية تهدف إلى محاربة النظام السوري. ومع مرور الوقت، بدأ الجولاني يظهر كقائد ميداني بارز في المعارك ضد النظام، حيث حظيت جبهة النصرة بشعبية واسعة بين فصائل المعارضة، بفضل قوتها العسكرية وأيديولوجيتها الجهادية.

لكن في خطوة مفاجئة، أعلن الجولاني في عام 2016 انفصال جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة، معلنًا عن إنشاء “هيئة تحرير الشام”، هذا التحول لم يكن مجرد تغيير في الاسم، بل كان خطوة تكتيكية في محاولة لتحسين صورة الجماعة أمام الفصائل السورية المعارضة، ومنحها هوية مستقلة بعيدًا عن التصنيف الدولي كمنظمة إرهابية.

اليوم، يعد الجولاني من أبرز القادة الذين يتحكمون في منطقة إدلب، وهي آخر معاقل المعارضة السورية. لكن المعركة التي يخوضها الجولاني ليست فقط ضد النظام السوري، بل هي معركة معقدة تشمل أيضًا القوى الإقليمية والدولية التي لها مصالح في سوريا، بما في ذلك تركيا وروسيا وإيران، التي تسعى كل منها لتوسيع نفوذها في المنطقة. ففي الوقت الذي يرى فيه البعض في الجولاني قائدًا ثوريًا يسعى لتحقيق الأمن والاستقرار في مناطق الشمال السوري، يعتبره آخرون رمزًا للجماعات المتشددة التي تفرض سيطرتها بالقوة.

إحدى أبرز التطورات التي شهدها الجولاني هي تحالفه غير المعلن مع بعض القوى الإقليمية التي تشارك في الصراع الدائر في الشرق الأوسط، خاصة بعد اندلاع “طوفان الأقصى” في أكتوبر 2023. هذا الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل، كان له تأثير كبير على معادلة الصراع في المنطقة، حيث أبرز التوترات بين الدول العربية والإسرائيلية، وأدى إلى تحركات متسارعة في محيط سوريا ولبنان.

الجولاني، الذي كان يراقب عن كثب تطورات الحرب في غزة، كان في موقف متأهب على الحدود السورية، حيث أبدى دعمه للأطراف التي تقاتل من أجل قضايا الأمة الإسلامية، بل وعلق في أكثر من مناسبة على أحداث “طوفان الأقصى” بالتحريض على الجهاد ضد الاحتلال الإسرائيلي. من جهة أخرى، بدأ النظام السوري وإيران وحزب الله اللبناني في إعادة تقييم تحركاتهم في شمال سوريا، حيث تتشابك المصالح والنفوذ مع الأحداث الإقليمية الجديدة.

وما يثير الانتباه هو أن الجولاني لم يتوقف عن الاستفادة من هذه المستجدات السياسية لتوسيع نفوذه في مناطق الشمال السوري، حيث حاول تعزيز علاقاته مع حلفاء سابقين مثل تركيا، التي ترى في الجولاني مصدرًا للاستقرار في مناطق الشمال السوري في مقابل قوى أخرى تهدد بتوسيع سيطرتها مثل قوات الأسد وروسيا. ومن جانب آخر، أصبح الجولاني يواجه ضغوطًا متزايدة من قبل القوى الدولية، التي تراقب عن كثب أفعاله وسط هذه التقلبات.

تحولات الجولاني الأخيرة لم تكن فقط على الصعيد العسكري، بل شملت أيضًا تحركاته السياسية. ففي الوقت الذي أظهر فيه دعمًا متزايدًا للثوار الفلسطينيين في غزة، كانت هيئة تحرير الشام تسعى لبناء جبهة مناهضة للنظام السوري، تتوسع لتشمل المجموعات الجهادية المسلحة. وفي هذا السياق، تفاعل الجولاني مع دعوات “حرب الله” التي أطلقها حزب الله اللبناني، حيث أظهر نوعًا من التضامن مع المقاومة اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي، ما يضعه في موقع حساس في المعادلات الإقليمية.

إلى جانب التحديات العسكرية، يواجه الجولاني ضغوطًا من داخل المناطق الخاضعة لهيئة تحرير الشام، خاصة من خلال الانتقادات الموجهة إلى طريقة حكمه المتشددة والسيطرة القوية على الحياة اليومية للسكان المحليين. إلا أن الجولاني يتعامل مع هذه الضغوط بمرونة كبيرة، مما جعله يتمتع بقاعدة شعبية نسبيًا في مناطق سيطرته، رغم الصعوبات الاقتصادية والإنسانية.

في الختام، يبقى أبو محمد الجولاني شخصية محورية في الصراع السوري، ولا يمكن النظر إليه مجرد قائد لجماعة مسلحة، بل كأحد الأبطال في قصة معقدة مليئة بالصراعات الإقليمية والدولية، ومع مرور الوقت، سيظل الجولاني أحد الأسماء التي تحدد مصير العديد من الفصائل السياسية والعسكرية في الحرب السورية. في الوقت ذاته، يزداد تأثيره على الصراع الإقليمي الأوسع، حيث يسعى لتوظيف التطورات العسكرية والسياسية لصالحه، ويظل مستقبل المناطق التي يسيطر عليها مرهونًا بتطورات المواقف الدولية والإقليمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى