أمن خريبكة بين التحديات اليومية وتطلعات السكان.
تشهد مدينة خريبكة، كباقي المدن المغربية، حركية متزايدة وتطورات اجتماعية واقتصادية تنعكس بشكل مباشر على الأوضاع الأمنية فيها، ورغم الجهود المبذولة من طرف السلطات الأمنية لضمان استقرار المدينة وأمن سكانها، إلا أن التحديات المتعددة التي تواجهها تظل حاضرة بقوة في النقاشات المحلية، خاصة مع تنامي بعض الظواهر التي تثير القلق بين السكان.
على مدار السنوات الماضية، سجلت خريبكة حضوراً بارزاً لقوات الأمن في محاربة الجريمة بمختلف أشكالها، من جرائم السرقات إلى الاتجار بالمخدرات والاعتداءات، ويثني الكثيرون على يقظة الأجهزة الأمنية وسرعة تدخلها في معالجة القضايا الحساسة التي تطرأ داخل المدينة، مما يعزز الشعور بالأمان لدى المواطنين، غير أن التوسع العمراني السريع وارتفاع الكثافة السكانية، لا سيما في الأحياء الشعبية، أضافا أعباء جديدة على كاهل الأجهزة الأمنية التي تعمل على التوفيق بين محدودية الموارد والضغط اليومي.
ظاهرة انتشار المخدرات، خاصة بين فئة الشباب، تبقى من القضايا الأكثر إلحاحاً، حيث تشكل تهديداً اجتماعياً وأمنياً، الأحياء الهامشية، التي تعاني من نقص التجهيزات والبنى التحتية، تتحول في بعض الأحيان إلى ملاذٍ لأنشطة مشبوهة، مما يتطلب تعزيز التواجد الأمني وتكثيف العمليات الاستباقية.
من جهة أخرى، يشير عدد من المواطنين إلى أهمية توسيع المبادرات الوقائية، مثل الحملات التوعوية التي تستهدف الشباب داخل المؤسسات التعليمية والجمعيات، بهدف تقليص مخاطر الجنوح وتعزيز روح المواطنة، هذا إلى جانب ضرورة تعزيز الشراكة بين الأمن والمجتمع المدني، حيث يلعب السكان دوراً مهماً في التبليغ عن التجاوزات، مما يعزز من قدرة السلطات على التدخل السريع والحفاظ على الاستقرار داخل الأحياء.
ومع كل هذه الجهود، يظل السؤال مطروحاً حول سبل تحقيق توازن أكبر بين المقاربة الأمنية والمقاربة الاجتماعية، هل يمكن توفير المزيد من الموارد البشرية واللوجستية لدعم عمل الأجهزة الأمنية؟ وما هي التدابير التي يمكن اتخاذها لتحسين الظروف المعيشية داخل الأحياء الهامشية للحد من الجريمة بشكل مستدام؟ تبقى خريبكة نموذجاً لمدن مغربية تسعى للارتقاء بأوضاعها الأمنية وسط تحديات متجددة، ما يقتضي تعزيز التعاون بين السلطات والمجتمع لتحقيق أمن شامل ومستدام.