الصحراء المغربية: هل حان الوقت لفتح صفحة جديدة؟
تعد قضية الصحراء المغربية واحدة من أبرز القضايا السياسية التي تهم المملكة المغربية، ولم تقتصر معاناتها على صعيد الدولة فقط، بل هي قضية تلامس مصير الشعب المغربي برمته، فهي تمثل رمزًا للوحدة الوطنية، وترتبط ارتباطًا وثيقًا بالسيادة الترابية. ومنذ بداية النزاع، ورغم الضغوط والتحديات التي واجهتها المملكة على مر العقود، استطاعت الدبلوماسية المغربية أن تحقق مكاسب كبيرة، سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي، ما يجعل التساؤل قائمًا: هل حان الوقت لتكون قضية الصحراء المغربية في طريقها إلى الحل الأخير؟
خلال السنوات الماضية، شهدت قضية الصحراء تحولات كبيرة، بداية من فشل خطة الاستفتاء التي لم تتحقق، مرورًا بتزايد الدعم الدولي لموقف المغرب، وصولًا إلى الاعترافات المتتالية من قبل العديد من الدول بسيادة المملكة على الصحراء، وهو ما يعكس تغيّرًا في موازين القوى الدولية لصالح الرباط. فالمغرب، تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس، كان قد قرر نهج سياسة جديدة تقوم على الحوار البناء والتفاوض الجاد، من أجل إيجاد حل سلمي ودائم لهذه القضية.
كما يشهد ملف الصحراء اليوم تطورًا جديدًا، مع تعثر محاولات بعض الأطراف للالتفاف على الموقف المغربي القوي والمتماسك. ففي إطار المبادرات المتجددة للمملكة، ظل المغرب يعزز موقفه في العديد من المنتديات الدولية، معلنًا تمسكه بمشروع الحكم الذاتي، الذي يعتبره الحل الأمثل لتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة، وذلك في إطار سيادته الكاملة على أقاليمه الجنوبية.
وقد جاء في خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 23 لعيد العرش، تأكيد على موقف المملكة الثابت، حيث قال: “إن المغرب يمد يده لكل الأطراف المعنية لحل هذه القضية، ولكن ذلك يجب أن يكون في إطار احترام سيادته ووحدته الترابية”. هذا التصريح يمثل تأكيدًا آخر على استمرارية التزام المغرب بالبحث عن حلول سلمية ومنصفة للقضية، كما يعكس في الوقت ذاته رغبة المغرب في إنهاء هذا النزاع الذي طال أمده.
ومع كل خطوة يخطوها المغرب في سياسته الخارجية، نجد أن معظم الدول الكبرى بدأت تعترف بخطوات المغرب الجادة، بدءًا من دعم الولايات المتحدة الأمريكية بمقترح الحكم الذاتي في 2020، وصولًا إلى تدعيم العديد من الدول الأوروبية والعربية لموقف المملكة. هذه المعطيات تشير إلى أن المجتمع الدولي في طريقه إلى الاعتراف بحق المغرب الكامل في سيادته على أراضيه.
وفي نفس السياق، لا يمكن إغفال الجهود التنموية الكبيرة التي شهدتها الأقاليم الجنوبية للمملكة، والتي باتت نموذجًا ناجحًا في تعزيز الاستقرار ورفع مستويات المعيشة، بفضل مشاريع ضخمة تشمل البنية التحتية، الصحة، والتعليم، ما يجعل هذا الواقع التنموي نفسه محط تقدير ودعوة لتسريع الحل النهائي.
الصحراء المغربية اليوم، رغم التحديات، تبدو أكثر استعدادًا للوصول إلى حل مستدام، خصوصًا في ظل المواقف الإيجابية التي تكتسبها المملكة على الصعيد الدولي، ورغم محاولات بعض الأطراف إثارة الفوضى والفتنة. يبقى السؤال: هل سيتحقق الحل الأخير قريبًا؟ وهل ستتوج جهود المغرب الدبلوماسية والتنموية بالاعتراف الكامل بالسيادة المغربية على الصحراء؟
إن الحل الأخير ليس مجرد أمل أو مسعى سياسي، بل هو حق مشروع للمملكة المغربية ولشعبها، وسيتحقق بالتأكيد في ظل التزام المغرب الثابت بتوحيد الجهود داخليًا وخارجيًا، والانتصار لقيم السيادة والعدالة.