انتقاد أداء حزب التجمع الوطني للأحرار: مسؤولية المرحلة وثقل الانتظارات.

منذ أن تصدر حزب التجمع الوطني للأحرار المشهد الحكومي في المغرب، تزايدت التطلعات الشعبية إزاء قدرة هذا الحزب، بقيادة عزيز أخنوش، على مواجهة التحديات الكبرى التي يعيشها المواطن المغربي، غير أن الأداء الحكومي الذي أفرزه واقع التدبير أثار موجة واسعة من الانتقادات، بسبب فجوة واضحة بين الخطابات السياسية والبرامج المعلنة وبين الواقع الملموس الذي يعاني فيه المواطن من أعباء اجتماعية واقتصادية متزايدة.

لقد جاء تشكيل الحكومة الحالية في ظرفية حساسة، حيث كان المواطن المغربي يأمل في سياسات قادرة على تجاوز الأزمات المتراكمة، إلا أن التدبير الحكومي لحزب التجمع الوطني للأحرار بدا عاجزاً عن مواكبة تطلعات المواطنين، خصوصاً في مجالات مثل الصحة والتعليم وغلاء المعيشة. هذا الوضع دفع جلالة الملك محمد السادس، في خطاب العرش لسنة 2022، إلى التشديد على ضرورة إيلاء الأولوية للقضايا الاجتماعية، واعتبر أن تحسين الظروف المعيشية للمغاربة واجب لا يحتمل التأجيل، مطالباً الحكومة بالعمل على تقديم حلول مبتكرة تستجيب لمطالب الشعب الملحة.

رغم الوعود الانتخابية التي أطلقها الحزب بتحقيق تحول اقتصادي واجتماعي جذري، إلا أن السياسات التي نُفذت على أرض الواقع بدت بعيدة عن تلك الوعود، فارتفاع الأسعار، الذي مس المواد الأساسية بشكل غير مسبوق، أثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين، وجعل الشعور بعدم الرضا يتنامى في صفوف الطبقات المتوسطة والفقيرة. وقد أكد جلالة الملك في خطاب افتتاح البرلمان لسنة 2023 أن نجاح أي حكومة يعتمد على قدرتها على الإنصات إلى هموم الشعب والعمل بفعالية على معالجة الاختلالات التي تؤثر على حياتهم اليومية.

في مجال التعليم، ورغم البرامج التي أُعلنت، مثل خارطة الطريق 2022-2026، فإن المنظومة التعليمية ما زالت تعاني من تحديات كبيرة، أبرزها ضعف جودة التعليم العمومي وعدم تساوي الفرص بين مختلف الشرائح الاجتماعية. هذه الإشكالات دفعت جلالة الملك في أكثر من مناسبة إلى التأكيد على أن إصلاح التعليم هو مفتاح التنمية الشاملة، وهو ما يتطلب من الحكومة إرادة سياسية قوية وإجراءات ملموسة لتحقيق العدالة التعليمية.

أما على صعيد التواصل السياسي، فقد واجه حزب التجمع الوطني للأحرار انتقادات لافتقاره إلى نهج تواصلي فعّال مع المواطنين، إذ بدت الفجوة واضحة بين القيادات الحكومية والمجتمع، وهو ما يعمق الإحساس بعدم اكتراث النخبة السياسية بهموم المواطن. وقد شدد جلالة الملك في خطاب ثورة الملك والشعب لسنة 2021 على أهمية التواصل مع الشعب بصدق وشفافية، داعياً المسؤولين إلى تحمل مسؤولياتهم والعمل بروح الوطنية الحقيقية.

لا يمكن إنكار أن الظرفية الدولية الصعبة، التي تتسم بارتفاع أسعار الطاقة والتضخم العالمي، أثرت بشكل كبير على الاقتصاد الوطني، إلا أن ذلك لا يعفي الحكومة من مسؤوليتها في اتخاذ تدابير أكثر جرأة وفعالية للتخفيف من وطأة الأزمة. فالتوجيهات الملكية كانت دائماً واضحة في هذا السياق، حيث دعا جلالة الملك في خطاب العرش لسنة 2023 إلى اعتماد رؤية استراتيجية لمواجهة الأزمات وتقوية الاقتصاد الوطني بما يضمن تحقيق التنمية المستدامة.

إن حزب التجمع الوطني للأحرار، وهو يقود المرحلة الحالية، مطالب بمراجعة سياساته وطرق تدبيره، والاستفادة من التوجيهات الملكية التي تضع المواطن في صلب كل السياسات العمومية. فالتحديات كبيرة، والمسؤولية مضاعفة، ولا مجال للاستمرار في تجاهل نداءات الشارع ومطالب الشعب، لأن الشرعية الحقيقية تُبنى على الثقة والعمل الجاد والنتائج الملموسة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى