غير قادر على قول كلمة .. عمدة فاس ترك المواطنين في مواجهة قسوة السلطات

الفشل السياسي هو ما يعكسه مشهد الوضع الحالي في مدينة فاس، حيث يجد الفقراء وأبناء الشعب أنفسهم اليوم في مواجهة مباشرة مع السلطات المحلية التي تشن حملة شرسة لتحرير الملك العمومي. هذه الحملة، التي أدت إلى تدمير مصالح المساكين والفراشة الصغار، تكشف عن عمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالمدينة، وتطرح تساؤلات حول دور المجالس المنتخبة في معالجة هذه القضايا.

عمدة مدينة فاس، عبد السلام البقالي، الذي يتربع على رأس المجلس الجماعي، بات رمزا للفشل السياسي. فالرجل، الذي يفترض أن يكون صوت المواطنين داخل المؤسسات، يكتفي بالصمت المطبق أمام المعاناة التي يواجهها المواطنون. وبدلاً من الوقوف في وجه السلطات المحلية، فإنه يظل عاجزا عن اتخاذ أي خطوة جادة لحل المشكلة، مفضلاً الهروب من المسؤولية خوفا من الملفات المعروضة عليه أمام محكمة النقض.

وفي ظل هذا العجز، يتساءل الكثير من المواطنين عن جدوى وجوده في منصب العمدة، خاصة وأنه يبدو غير قادر على الدفاع عن حقوقهم، ولا حتى على قول كلمة “لا” في وجه ما يتعرض له المواطنون من ظلم. ويؤكد بعض المراقبين أن الملك العمومي يعد من خصوصيات المجالس المنتخبة، بل إن هذا الملف يجب أن يكون من أولويات السياسيين. ولكن في مدينة فاس، حيث تزداد معاناة الفقراء والمهمشين، تقوم السلطات المحلية بكل شيء، وتغيب بشكل تام المسؤولية السياسية.

لا نجد اليوم أي من السياسيين الذين يتنطعون في الظهور خلال الحملات الانتخابية يظهرون في الساحة للدفاع عن حقوق المواطنين الذين يعيشون على هامش الحياة الاقتصادية في المدينة. لم نرَ خلال هذه الحملة أيًا من البرلمانيين أو المنتخبين المحليين يتحدث أو يسأل عن الحلول المقترحة لمشكلة الباعة الصغار. هؤلاء الذين يعانون من أزمة اقتصادية خانقة، لا يجدون من يتعاطف معهم من القوى السياسية التي وعدتهم بتحسين أوضاعهم.

ففي غياب الخطط الحقيقية لمعالجة هذه الأزمة، يواجه الفقراء في فاس موجة جديدة من الفقر والبطالة. ويزداد الوضع سوءا مع عدم وجود أي حلول عملية للتخفيف من معاناتهم. إذا كانت هذه هي حال المدينة اليوم، فما الذي يمكن أن يتوقعه المواطنون في الانتخابات المقبلة؟ هل سيظهر السياسيون في وجه جديد ووعود فارغة أم أن الوقت قد حان ليكونوا أكثر قربًا من هموم الناس?

وكيف يمكن لأي مسؤول أن يواجه ناخبيه في المستقبل، وهو لم يتخذ موقفًا حاسمًا لدعمهم في وقت الأزمة؟ يبدو أن العمدة والطبقة السياسية في فاس لا تملك الإجابة، ولا يبدو أنها تفكر في تغيير الوضع الذي بات يهدد توازن المدينة وأمنها الاجتماعي. في نهاية المطاف، يظهر أن عمدة فاس والمجالس المنتخبة ليسوا إلا مجرد مشاهدين في مسرحية معاناة شعبهم، الذين تركوا لمصيرهم في مواجهة قسوة الواقع. وبدلاً من الوقوف في وجه السلطات المحلية والتفاوض على حقوق المواطنين، يفضلون الصمت المطبق، مما يترك المدينة تئن تحت وطأة الفقر والتهميش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى