قراءة المساء .. ارتفاع نسبة مرضى الاكتئاب في المغرب: دراسة جديدة صادمة
تشير دراسة حديثة إلى ارتفاع ملحوظ في نسبة مرضى الاكتئاب في المغرب، وهو ما يعكس تزايد التحديات النفسية والاجتماعية التي يعاني منها فئات واسعة من المواطنين. وفقاً للباحثين في هذا المجال، بات الاكتئاب من أكثر الأمراض النفسية انتشاراً في المغرب، مما يثير تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذا الارتفاع وكيفية معالجة هذه الظاهرة المتزايدة التي تؤثر على جودة حياة العديد من الأفراد.
الأرقام المقلقة
أظهرت دراسة أُجريت في 2024، بمشاركة مجموعة من الأطباء النفسيين والباحثين الاجتماعيين، أن ما يقارب 1.7 مليون مغربي يعانون من الاكتئاب، ما يعادل حوالي 5% من السكان. هذه الأرقام، التي تزايدت بشكل لافت في السنوات الأخيرة، تؤكد على أن الاكتئاب ليس مجرد مرض فردي، بل أصبح يشكل تحدياً صحياً واجتماعياً يتطلب استجابة سريعة وفعالة من كافة الأطراف المعنية.
الأسباب متعددة ومعقدة
تتعدد أسباب زيادة انتشار الاكتئاب في المغرب بين العوامل النفسية والاجتماعية. من أبرز العوامل التي تم تحديدها في الدراسة هي البطالة، التي تُعتبر واحدة من أكبر مسببات الضغط النفسي، خاصة في صفوف الشباب. بالإضافة إلى ذلك، فإن الفقر، وتدني مستوى التعليم، وصعوبة الوصول إلى خدمات الصحة النفسية، تساهم بشكل كبير في تفاقم حالة الاكتئاب لدى العديد من الأفراد. وفي هذا السياق، يشير الباحثون إلى أن التصورات الاجتماعية السلبية تجاه الأمراض النفسية، مثل الاكتئاب، تزيد من صعوبة اللجوء إلى العلاج وتفاقم الوضع لدى المرضى.
النساء والشباب الأكثر تأثراً
تشير الدراسات إلى أن النساء والشباب هم الأكثر تأثراً بالاكتئاب في المغرب. فالأعباء الاجتماعية والاقتصادية التي تتحملها المرأة، سواء في الأسرة أو في العمل، قد تكون من الأسباب التي تسهم في زيادة تعرضها للاكتئاب. أما بالنسبة للشباب، فيتمثل التحدي الأكبر في الانعدام النسبي للفرص الاجتماعية والاقتصادية، ما يخلق بيئة نفسية مليئة بالضغوط التي تؤثر بشكل كبير على صحتهم النفسية.
غياب الوعي الثقافي والتحديات العلاجية
رغم التطور في الوعي الصحي في المغرب، لا يزال هناك نقص كبير في الفهم العام حول الاكتئاب والأمراض النفسية. فالكثير من الناس لا يعترفون بأن الاكتئاب هو مرض يحتاج إلى علاج متخصص، بل يُنظر إليه أحياناً على أنه مجرد حالة نفسية يمكن التغلب عليها بالصبر أو التغيير في نمط الحياة. وهذا الفهم الخاطئ يزيد من العزوف عن تلقي العلاج.
من جهة أخرى، يشكل نقص الأطباء النفسيين والخدمات الصحية النفسية في المناطق النائية تحدياً كبيراً. فالمراكز الصحية في العديد من المدن المغربية لا توفر إلا عدداً محدوداً من الاستشارات النفسية، مما يزيد من صعوبة الحصول على علاج فعال، خاصة لأولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية أو الأقل حظاً.
دور الدولة في مواجهة هذه الظاهرة
وفيما يخص استجابة الدولة، يبرز المطلب الملح بتطوير سياسات صحية تركز على الوقاية والعلاج من الاكتئاب. وقد بدأت بعض المبادرات الحكومية في السنوات الأخيرة بالتركيز على الصحة النفسية، لكن هذه الجهود لا تزال غير كافية بالنظر إلى الحجم الكبير للمشكلة. يتعين على الحكومة المغربية تكثيف برامج التوعية حول الاكتئاب، وتوفير الدعم المالي للتوسع في خدمات الصحة النفسية، بالإضافة إلى تدريب المزيد من المتخصصين في هذا المجال.
خاتمة
إن الاكتئاب في المغرب يمثل تحدياً صحياً واجتماعياً يتطلب جهوداً منسقة من الدولة والمجتمع المدني والمؤسسات الصحية. فالأمر لا يتعلق فقط بالأفراد الذين يعانون من المرض، بل هو مسألة تؤثر على المجتمع ككل. ومع تزايد الضغط النفسي في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الحالية، يصبح من الضروري أن يُعطى الاكتئاب الاهتمام الكافي في السياسات العامة من أجل تخفيف معاناة المصابين به وتحسين حياتهم النفسية والاجتماعية.