قراءة المساء .. المؤامرات الكبرى في الشرق الأوسط هل يُحدث سقوط الأسد تغييرات حاسمة؟
مع تعقد الأوضاع في سوريا، بات الحديث عن سقوط نظام بشار الأسد أحد أبرز المواضيع التي تشغل القوى الإقليمية والدولية على حد سواء، في حين أن النظام السوري لا يزال يحتفظ بموقعه بفضل الدعم الروسي والإيراني، إلا أن المراقبين السياسيين لا يزالون يتساءلون عن التداعيات المحتملة لهذا الحدث على المستوى الإقليمي والعالمي. في حال سقوط النظام، هل ستكون المنطقة على موعد مع تغييرات جذرية؟ وهل سيغير هذا السقوط موازين القوى في الشرق الأوسط؟
إن انهيار النظام السوري بقيادة بشار الأسد سيترك بلا شك فراغاً سياسياً هائلاً في سوريا. هذا الفراغ قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في دول الجوار ويشجع على ظهور سيناريوهات معقدة من صراعات داخلية، حيث ستتنافس القوى المتعددة – من ميليشيات مسلحة إلى فصائل المعارضة والقوى الكردية – على النفوذ داخل الأراضي السورية. هذا الصراع الداخلي سيكون له انعكاسات مباشرة على الدول المجاورة التي عانت من تداعيات النزاع السوري طوال سنوات.
على المستوى الإقليمي، لن يكون النظام السوري وحده الخاسر الأكبر في حال سقوطه. إيران، التي تعتبر سوريا جسرها الاستراتيجي إلى لبنان وحزب الله، ستكون أمام تحدي كبير في محاولة الحفاظ على وجودها في المنطقة. روسيا، بدورها، ستخسر قاعدتها العسكرية في طرطوس على البحر المتوسط، وهو ما يعني فقدان جزء من نفوذها في الشرق الأوسط. في هذا السياق، يتوقع العديد من المحللين السياسيين أن تسعى كل من إيران وروسيا إلى إعادة تقييم استراتيجياتهما في المنطقة بعد هذا التغيير الجذري.
من جهة أخرى، سيكون لسقوط بشار الأسد تأثيرات واضحة على القوى الإقليمية الأخرى. تركيا قد ترى في انهيار النظام السوري فرصة لتعزيز نفوذها في شمال سوريا، بينما إسرائيل، التي لطالما كانت تراقب عن كثب الوضع السوري، ستكون مجبرة على اتخاذ خطوات لضمان أمنها وسط الفوضى المحتملة التي قد تنشأ. في هذا الصدد، قد تسعى إسرائيل إلى ضمان خلو الأراضي السورية من أي تهديدات أمنية محتملة، مثل التهديدات القادمة من حزب الله أو قوات إيرانية متمركزة بالقرب من حدودها.
على الصعيد الدولي، سيكون سقوط الأسد نقطة تحول حاسمة في استراتيجيات القوى الكبرى. الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد يعيدان تقييم سياساتهم في المنطقة، فهما سيتعاملان مع واقع جديد يتطلب إعادة بناء سياسات الدعم والمساندة للمجتمع السوري في مرحلة ما بعد الأسد. ولكن، في ظل تزايد النفوذ الروسي والصيني في المنطقة، قد تصبح الصراعات العالمية جزءاً من هذا السيناريو، مما يضيف تعقيدات جديدة للعلاقات الدولية.
أما على المستوى الإنساني، فإن سقوط نظام الأسد سيؤدي بلا شك إلى تصعيد المعاناة في سوريا. فمع الفوضى المحتملة، ستتزايد حالات النزوح واللجوء، ما سيشكل عبئاً إضافياً على الدول المجاورة مثل لبنان والأردن، بالإضافة إلى أوروبا التي تستقبل موجات اللجوء.
سقوط بشار الأسد، رغم كونه ربما يشكل بداية نهاية لحكم دكتاتوري استمر لعقود، إلا أنه قد يفتح أبواباً واسعة لصراعات جديدة على السلطة والنفوذ، ليس فقط داخل سوريا، بل في المنطقة بأسرها. الأمر الذي يستدعي التنسيق بين القوى الدولية والإقليمية لضمان ألا يتحول هذا التغيير إلى بداية فوضى عارمة تزيد من تعقيد الوضع في الشرق الأوسط.