كارثة الحاضرة الإدريسية .. برلمانيو فاس عباقرة فن الانبطاح وصناعة اللاشيء
برلمانيو فاس مجموعة متقنة لفن الجلوس والانحناء دون إنتاج يُذكر، في عالم السياسة هناك رجال يصنعون التغيير، وهناك آخرون يصنعون الضجيج، ثم هناك هؤلاء الذين لا يصنعون شيئًا سوى إتقان الانبطاح المهين تحت قبة البرلمان. يُفترض أنهم ممثلو الشعب، لكنهم أقرب إلى مجموعة موظفين موسميين، يوقعون حضورهم دون أن يقدموا أي خدمة تُذكر، وكأنهم اختاروا العدم كنهجٍ سياسي.
لنتحدث بصراحة، هل سمع أحدكم عن مبادرة عبقرية قام بها أحد برلمانيي فاس، أو عن مشروع رائد حملوه على عاتقهم لخدمة المدينة؟ بالطبع لا، فما نراه هو اجتهاد عجيب في إتقان فن الخطابات الإنشائية والظهور في حفلات الشاي مع ابتسامة صفراء لا معنى لها.
“المسؤولية مرتبطة بالمحاسبة”، هكذا قال الملك محمد السادس في أحد خطاباته التي لم تلامس آذان برلمانينا الموقرين، هؤلاء السادة قد لا يدركون حتى معنى كلمة “مسؤولية”، فكل ما يتقنونه هو الانحناء عندما تمر الكاميرات، والتصفيق الحار لكل كلمة تُقال تحت قبة البرلمان، سواء فهموها أم لا، التصفيق عندهم ليس مجرد عادة، بل هو رسالة واضحة: نحن هنا لنصفق، وليس لنفكر.
أما عن وعودهم الانتخابية، فهي حكاية أخرى من حكايات ألف ليلة وليلة، يبدأون بوعود خيالية تجعل الناخب يعتقد أنهم سيحولون فاس إلى مدينة من مدن العالم الأول، ثم بمجرد حصولهم على المقاعد، يختفون كما يختفي العدل في خطابهم، المواطن هنا يُترك وحيدًا يردد كلمات الشاعر:
“وإن امرأً دنياه أكبرُ همِّهِ… لمستمسكٌ من عيشه بخداعِ.”
برلمانيو فاس، بإنجازاتهم التي تساوي الصفر، يمكنهم تقديم دروس مجانية في فنون اللاعمل، بعضهم يتفنن في نشر صور مع مسؤولين، والبعض الآخر يكتفي بجلسات النقاش التافه في البرلمان حول أمور لا تعني المواطن بشيء، وفي الأثناء، تظل مشاكل فاس الكبرى دون حل، البطالة تنخر شبابها، البنية التحتية متهالكة، والمواطن ينتظر أي بصيص أمل، لكن البرلمانيين منشغلون بأمور أكثر “أهمية”؛ كاختيار أفضل مقهى لتناول وجبة الإفطار.
قال الشاعر يومًا:
“إذا كنتَ في حاجةٍ مرسلاً، فأرسلْ حكيمًا ولا توصهِ.”
لكن من أرسل هؤلاء لم يرسل حكيمًا ولا حتى مبتدئًا في السياسة، بل أرسل حفنة من الكسالى الذين يرون العمل البرلماني فرصة ذهبية للاسترخاء وتمرير الوقت.
ربما يجب أن يتم تغيير اسم “البرلمان” إلى “منتدى العطل الرسمية”، لأن ذلك سيكون أكثر صدقًا مع الواقع، أما عن فاس وأهلها، فما عليهم سوى الانتظار، والانتظار الطويل، لأن هؤلاء البرلمانيين لن يتحركوا، ولن يفكروا، ولن يفعلوا أي شيء سوى الاستمرار في دورهم كأثاث صامت في مسرحية سياسية رديئة.
فشكراً لكم أيها البرلمانيون على هذا الأداء “المتميز”، وشكرًا لكم على جعلنا نعيش لحظة تراجيدية تُعيد