مصطفى الأزموري: العبد المغربي الذي اكتشف ولاية فلوريدا
يعرف العالم كله أن رجلا اسمه كريستوفر كولومبوس هو أول من وطئت قدمه القارة الأمريكية، أو العالم الجديد، في نهاية القرن الخامس عشر للميلاد، لكن قليل منهم يعرف أن رجلا آخر ببشرة سوداء اللون واسم عربي هو أول من دخل مناطق شاسعة من جنوب الولايات المتحدة الأمريكية، وما يعرف حاليا بولاية فلوريدا.
يسود اعتقاد راسخ يخالطه قدر من القبول والتسليم، بأن التاريخ يكتبه المنتصرون، ولا أحد ينازع في كون ما وقع بين الضفتين الغربية والشرقية للمحيط الأطلسي على مدى قرون، يغلب عليه الصوت الواحد والرواية الواحدة، وهي تلك التي أراد لها الرجل الأوروبي الأبيض والمسيحي أن تصبح “الحقيقة”.
لكن هذا الوضع بات يتغير تدريجيا، حيث شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن مستهل العام 2021 تنظيم الدورة السادسة من “يوم المغرب”، وهو تقليد سنوي يخلد للوجود المغربي في أمريكا وتاريخ العلاقات بين الدولتين، كما نصب له تمثال من البرونز بارتفاع مترين في تكساس الأمريكية.البث الحي
تسجيل
بورتريه
مصطفى الأزموري.. العبد المغربي الذي اكتشف ولاية فلوريدا
يونس مسكين
آخر تحديث:
9/5/2024
05:00 PM (بتوقيت مكة المكرمة)
يعرف العالم كله أن رجلا اسمه كريستوفر كولومبوس هو أول من وطئت قدمه القارة الأمريكية، أو العالم الجديد، في نهاية القرن الخامس عشر للميلاد، لكن قليل منهم يعرف أن رجلا آخر ببشرة سوداء اللون واسم عربي هو أول من دخل مناطق شاسعة من جنوب الولايات المتحدة الأمريكية، وما يعرف حاليا بولاية فلوريدا.
يسود اعتقاد راسخ يخالطه قدر من القبول والتسليم، بأن التاريخ يكتبه المنتصرون، ولا أحد ينازع في كون ما وقع بين الضفتين الغربية والشرقية للمحيط الأطلسي على مدى قرون، يغلب عليه الصوت الواحد والرواية الواحدة، وهي تلك التي أراد لها الرجل الأوروبي الأبيض والمسيحي أن تصبح “الحقيقة”.
لكن هذا الوضع بات يتغير تدريجيا، حيث شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن مستهل العام 2021 تنظيم الدورة السادسة من “يوم المغرب”، وهو تقليد سنوي يخلد للوجود المغربي في أمريكا وتاريخ العلاقات بين الدولتين، كما نصب له تمثال من البرونز بارتفاع مترين في تكساس الأمريكية.
ففي هذه السنة أعلن عن شخصية مميزة أخرجت من الظل، ويتعلق الأمر بمغربي تصفه المصادر التاريخية الرسمية في أمريكا بأنه أول أفريقي وصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ويلقبه البعض بمصطفى الزموري، وتسميه المصادر الأمريكية “ستيفن زموري”، ويناديه آخرون بـ”استيبانيكو” أو “استيبان”، وهو في نهاية الأمر أول مغربي ومغاربي وأفريقي يصل إلى أمريكا.[1]
أصبح اسمه الزموري يتردد على لسان كبار المسؤولين الأمريكيين والمغاربة، في سياق الخطب والرسائل الدبلوماسية التي تسعى إلى تمتين العلاقات بين البلدين وتأكيد عراقتها، باعتبار المغرب أول دولة اعترفت بالولايات المتحدة الامريكية كدولة مستقلة في العالم.[2]
بل إن السفارة الأمريكية في الرباط، اختارت الزموري ليكون محورا للاحتفالية الرسمية الكبيرة التي قررت تنظيمها طيلة العام 2021، بمناسبة مرور 200 عام من الصداقة المغربية الأمريكية، باعتباره أول مغربي يطأ الأراضي الأمريكية، بل ومكتشف جزء كبير منها بعد اكتشاف كريستوف كولومبوس للقارة الأمريكية بسنوات قليلة.[3]
احتلال أزمور.. رحلة ابن بطوطة المستعبد
هناك من يعتبر أن الزموري استكمل تجربة الرحالة المغربي الشهير ابن بطوطة، فقد اتجه ابن بطوطة شرقا واشتهر برحلته الى الصين، بينما اتجه الزموري بعد نحو 200 عام إلى أقصى الغرب، مستكملا بذلك رحلة ابن بطوطة حول العالم، لكن الفرق يكمن في أن ابن بطوطة انطلق في رحلته بكامل إرادته، واستهل بالحج قبل أن ينطلق نحو أقاصي آسيا، بينما دخل الزموري رحلته الاستكشافية مكرها ومختطفا.[4]
فقد كان الزموري ضمن مجموعة من الرجال قام مستعمرون برتغاليون ببيعهم في أوروبا بعد أن احتلوا بعض السواحل المغربية في القرن الـ16، ليصبح واحدا من أفراد بعثة استكشافية وصلت الى السواحل الأمريكية، وهناك لعب دورا كبيرا في استكشاف الأرض الأمريكية بعد انصهاره في المجتمع المحلي للهنود الحمر.وينقل الأستاذ الباحث مصطفى واعراب الذي يعد أول من ألف باللغة العربية عن شخصية “استبانكو”، عن مؤرخة أمريكية قولها إن الزموري يحتمل أن يكون ابنا لامرأة منحدرة من أفريقيا جنوب الصحراء، وهو ما يفسّر لون بشرته الأسود.[5]
وتعود الحكاية في الأصل إلى ما قبل احتلال بلدة أزمور من طرف البرتغاليين، وتحديدا سنة 1513، حين كلف الملك إيمانويل الأول حفيده بقيادة الحملة من خلال أسطول ضخم نحو الساحل المغربي. وتجمع المصادر على أن الزموري اختطف تزامنا مع وصول هذه الحملة إلى سواحل المدينة، حيث كان العنف البرتغالي مفرطا بغاية ترهيب السكان ودفعهم إلى إخلائها دون مقاومة