منهج الفلسفة بين الفكر والعلم: تكريم للأستاذ خالد بوزوبع في ندوة فكرية رائدة.

في إطار فعاليات الندوة الدولية التي نظمتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز في جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، المغرب، تم تكريم الأستاذ خالد بوزوبع، الفنان والفيلسوف الذي ترك بصمة عميقة في الفكر الفلسفي والفني. جاءت هذه الندوة تحت عنوان “إعادة تقييم المنهج الفلسفي بين الفكر والعلوم”، حيث طرح المشاركون تصوراتهم حول دور المنهج في الفلسفة والعلوم، وأثره في تطور الفكر الإنساني عبر العصور.

تسعى هذه الندوة إلى دراسة المنهج الفلسفي وتطوراته منذ الفلسفة اليونانية القديمة، التي شكلت فيها مفاهيم مثل “المنطق” و”الجدل” الأسس المبكرة للمنهج العقلي. كانت الفلسفة اليونانية، بتوجيهاتها من سقراط وأفلاطون وأرسطو، الأساس الذي بني عليه المنهج الفلسفي العقلاني الذي توسع في العصور التالية. كما تناولت المداخلات في الندوة التحولات التي شهدها المنهج الفلسفي في الفلسفة الحديثة، خاصة عبر أعمال الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت الذي أكد في “مقال عن المنهج” (1637) على ضرورة الشك المنهجي كأساس للمعرفة الصحيحة، معتبراً أن “الشك هو بداية اليقين”.

كما كانت مداخلة الأستاذ محمد بن المقدم عن فلسفة شلايرماخر محورية، حيث أكد على أهمية “الفهم” في تحليل الظواهر الاجتماعية والثقافية. شلايرماخر كان يرى أن المنهج الفلسفي يجب أن يتجاوز العقلانية البحتة، ويعتمد على فهم الإنسان في سياقه الاجتماعي والثقافي، وهذا ما يميز منهجه عن غيره من الفلاسفة.

من جهة أخرى، تناولت مداخلة الأستاذ محمد عاقل العلاقة بين نظرية المجموعات والمنهج الفينومينولوجي، حيث تم ربط الفلسفة الظواهرية لفينومينولوجيا هوسرل بالرياضيات الحديثة. تم تقديم المنهج الفينومينولوجي كأداة لفهم الظواهر كما هي في تجربتنا اليومية، دون تدخل للعوامل الخارجية أو الافتراضات المسبقة، مع التركيز على “العودة إلى الأشياء ذاتها”، وهي فكرة أساسية في فلسفة هوسرل.

أما المقاربة التحادثية في الفلسفة النيوبراغماتية، التي عرضها الأستاذ محمود العكري، فقد ركزت على دور الحوار الاجتماعي في تشكيل المعرفة. في رأي ريتشارد رورتي، ليس هناك “حقيقة مطلقة” يمكن الوصول إليها، بل تكمن الحقيقة في التفاعل المستمر بين الأفراد. منهج رورتي في نيوبراغماتية كان يشدد على أهمية التفاهم والتحاور المستمر كآلية لتكوين المعرفة، معتبرًا أن “اللغة والفكر ليسا مجرد أدوات لنقل الحقائق، بل هما أيضًا وسيلة لإنشاء الحقيقة وتغييرها”.

من خلال المداخلات العميقة والمتنوعة، أكدت الندوة على أن المنهج الفلسفي ليس أداة ثابتة بل هو عملية حية تتفاعل مع تطورات الفكر الإنساني والعلوم المختلفة. كل الفلاسفة الذين تم تناول أعمالهم في الندوة قدموا أدوات منهجية تفتح أفقًا أوسع لفهم كيفية تشكيل المعرفة وتأثيرها في تقدم البشرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى