نضال المحامين.. معركة الدعم الحقوقي له تقوده جمعية الدفاع عن حقوق الانسان
في موقف حازم، أعلن المحامون المغاربة تعليق جميع خدماتهم القانونية، في خطوة احتجاجية ضد مشروع قانون المسطرة المدنية الذي ترى الأوساط الحقوقية أنه يمثل تراجعاً خطيراً عن المكتسبات القانونية والحقوقية. جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان، برئاسة الحبيب حاجي، عبّرت عن دعمها المطلق لهذا التحرك، معتبرةً إياه صراعاً من أجل العدالة وحماية لحقوق الشعب المغربي.
ويستند احتجاج المحامين، الذي بدأ منذ فاتح نوفمبر 2024، إلى اعتراضهم على عدة نقاط يعتبرونها مضرة بمبدأ العدالة والمساواة. ومن أبرز تلك النقاط، منح النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية سلطات تمكنهم من إعادة النظر في أحكام قضائية نهائية، مما يهدد استقرار المعاملات ويُزعزع الثقة في القضاء.
ويرى المحامون أن هذا التعديل يعني منح قوى سلطوية غير محدودة في إلغاء الأحكام التي قد تكون مر عليها عشرات السنين، مما يشكك في مدى استقرار النظام القضائي ويخدم مصالح اقتصادية معينة. ويعتبر المحامون أن هذا القانون يضرب استقرار الأحكام وحجيتها ويخلق فوضى قانونية في البلاد. كما أن هذه الإجراءات قد تؤثر سلباً على الطبقة المتوسطة، التي تضررت من هذه التعديلات التي قد تؤدي إلى نقل الثروات بشكل تعسفي من جهة إلى أخرى.
أما النقطة الثانية، فهي تخص حرمان المواطن من حقه في استئناف الأحكام التي لا تتجاوز 30,000 درهم، وحق الطعن بالنقض في الأحكام التي تقل عن 80,000 درهم، وهو ما يراه المحامون ضرباً لحق التقاضي على درجتين. كما أن هذا الأمر يحرم المتقاضين من توجيه رأي محكمة النقض إلى الأحكام، وبالتالي يقوض فرصة تطوير الاجتهادات القضائية في المغرب.
وفيما يخص المقترحات الأخرى، فقد صدمت المحامين بنداً يتضمن فرض غرامات مالية قد تصل إلى 50,000 درهم ضد المتقاضين الذين يقدمون دفوعات شكلية في القضايا، وهو ما يعتبرونه اعتداءً على الحق في الدفاع وحريات المواطن. فكيف للمواطن أن يعاقب بسبب دفاعه الذي قد يكون نابعاً عن حسن نية، ويعكس التزامه بالقانون؟
وتتضمن التعديلات المقترحة أيضاً مسألة حرمان المتقاضين من حقهم في دفع الدفوع الشكلية في محكمة الاستئناف إذا لم يتم إثارتها في المحكمة الابتدائية. هذه التعديلات، كما يراها المحامون، تشكل خرقاً لمبادئ المحاكمة العادلة التي يجب أن تُسمح فيها كل الأطراف بتقديم دفوعاتهم أمام محكمة النقض.
وتنبه جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان، برئاسة الحبيب حاجي، إلى تمييز آخر، حيث يسمح للمواطن الذي يطعن في أحكام الدولة أو أحد مؤسساتها بالتنفيذ الفوري للحكم ضد المواطنين، في حين يتم إيقاف التنفيذ في حالة الطعن الذي تقوم به الدولة في القرارات التي تصدر ضدها. ويُعتبر هذا تمييزاً غير مقبول ضد المواطن العادي في مواجهة جهاز الدولة.
وأشار الحبيب حاجي إلى أن هذه التعديلات ليست مجرد تغييرات قانونية، بل هي تعديلات ذات طبيعة سياسية بحتة، تصب في مصلحة الدولة ومؤسساتها الاقتصادية. ومن الواضح، وفقاً لجمعية الدفاع عن حقوق الإنسان، أن هذه التعديلات تضر بالفئات الفقيرة والمتوسطة في المجتمع المغربي، في حين يستفيد منها كبار الأغنياء الذين يمتلكون العلاقات والموارد اللازمة لتجاوز عوائق النظام القضائي.
وفي بيانها، أكدت الجمعية أن نضال المحامين ليس مجرد معركة من أجل مهنة المحاماة، بل هو معركة من أجل العدالة وحماية الحقوق الإنسانية للمواطنين. واعتبرت الجمعية أن هذا التحرك هو صراع يستحق دعم كافة الفئات في المجتمع المغربي، حيث يهدف إلى تعزيز استقلال القضاء وضمان وصول الجميع إلى العدالة.
وفي الختام، أكد الحبيب حاجي أن الجمعية تساند بكل قوة معركة المحامين ضد مشروع قانون المسطرة المدنية، الذي لا ينسجم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. وأشاد بالخطوات النضالية التي تقوم بها هيئات المحامين في المغرب، داعياً الحكومة إلى الاستماع للملاحظات والاعتراضات التي عبر عنها المحامون والشركاء الحقوقيون، وذلك من أجل بناء نظام قانوني عادل ومستدام يتماشى مع مبدأ الشفافية والمساواة.