اليوم العالمي لحقوق الإنسان 2024: قراءة في بيان جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان

تحل الذكرى الـ76 لليوم العالمي لحقوق الإنسان في ظل ظروف دولية ووطنية معقدة، أثارتها جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان في بيانها الصادر بمناسبة هذا اليوم العالمي. الجمعية التي تعمل على رصد واقع حقوق الإنسان وفضح الانتهاكات، وضعت الأصبع على الجرح في تحليلها للوضع الراهن، سواء على المستوى الدولي أو الوطني.

التحديات الدولية: قراءة جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان

بحسب بيان الجمعية، فإن الحرب المستمرة في أوكرانيا بين روسيا والمعسكر الغربي تواصل حصد الأرواح وتدمير البنى التحتية، متسببة في أزمات اقتصادية خانقة تهدد الاستقرار الدولي. وأشارت الجمعية إلى أن هذه الحرب تُعتبر أحد مظاهر الاستهتار بحقوق الإنسان الأساسية، حيث تُستخدم الشعوب كوقود في صراعات القوى العظمى.

من جهة أخرى، ركزت الجمعية في بيانها على الحرب الإسرائيلية ضد غزة، حيث وثقت جرائم حرب ضد الإنسانية، أبرزها قتل عشرات الآلاف من المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال، وتدمير البنية التحتية الأساسية. كما لفتت الجمعية إلى التوسع الإسرائيلي في لبنان، واغتيال قيادات المقاومة، ما يعكس تفوقًا عسكريًا مدعومًا من القوى الغربية.

وفي سوريا، اعتبرت الجمعية سقوط نظام بشار الأسد بداية مرحلة مجهولة المصير حقوقيًا، مع غياب ضمانات الأمن والاستقرار، مما يهدد حياة الملايين ويعطل العدالة الانتقالية.

الوضع الحقوقي في المغرب: انتقادات جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان

في بيانها، أكدت جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان أن المغرب لم يُحقق أي تقدم يُذكر في مجال حقوق الإنسان خلال السنة الحالية، رغم ترؤسه مجلس حقوق الإنسان. وذكرت الجمعية أن ملفات معتقلي حراك الريف لا تزال معلقة، وعقوبة الإعدام قائمة في القانون الجنائي، مما يُظهر غياب إرادة حقيقية لتحقيق الإصلاحات الحقوقية.

وأضاف البيان أن التعليم في المغرب يعاني من تراجع مستمر، حيث ترتفع نسب الهدر المدرسي، خاصة بين الفتيات في القرى والمناطق النائية. كما لفتت الجمعية إلى التزايد المقلق في معدلات البطالة، وفشل الحلول المؤقتة لمعالجة تداعيات إغلاق معبر سبتة، الذي خلف آلاف العاطلين، معظمهم نساء يُعِلن أسرهن.

تراجع العدالة وسيادة القانون

أبرزت جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان في بيانها استمرار الخروقات المتعلقة بالمحاكمة العادلة، مشيرة إلى حالات الاعتقالات التعسفية التي صاحبت محاولات الهجرة الجماعية، كما حدث في الفنيدق. وأضافت الجمعية أن مشروع قانون المسطرة المدنية الجديد يثير مخاوف كبيرة من تقويض حق المواطن في التقاضي العادل، في ظل غياب أي حوار شفاف مع الجهات المعنية.

قضايا الهوية والحقوق الثقافية

تناول بيان الجمعية استمرار التهميش الذي تعاني منه الهوية الأمازيغية، حيث يتم تجاهل اللغة والثقافة الأمازيغية في السياسات التعليمية والثقافية. وأكدت الجمعية أن الجهود المبذولة للاعتراف بالأمازيغية دستوريًا ليست كافية، إذا لم تُرافقها تدابير عملية تضمن العدالة الثقافية والمساواة.

إشارات إيجابية ولكن…

رغم الانتقادات، رحبت جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان بخطوة المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة توقيف بحق قادة الاحتلال الإسرائيلي بسبب جرائم الحرب في غزة. كما أشادت بالتطورات الإيجابية المتعلقة بقضية الصحراء المغربية، حيث اعترفت فرنسا وعدة دول بمغربية الصحراء.

لكن الجمعية شددت على أن هذه الإنجازات لا تُغطي على أوجه القصور في الملفات الاجتماعية والاقتصادية، داعية الدولة إلى بذل جهود مماثلة في مجالات التعليم، الصحة، والتشغيل لتحقيق عدالة اجتماعية حقيقية.

دعوة للتحرك

اختتمت جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان بيانها بدعوة صريحة إلى وضع الإنسان في صلب السياسات العمومية، معتبرة أن الاحتفاء باليوم العالمي لحقوق الإنسان يجب أن يكون فرصة لتقييم الإنجازات وتصحيح الأخطاء. وأكدت الجمعية أن المغرب بحاجة إلى إرادة سياسية حقيقية لتحقيق نقلة نوعية في مجال حقوق الإنسان، بدلًا من الاكتفاء بالاحتفال الرمزي بالمناسبات الدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى