محمد عبد النبوي، مهندس استقلال القضاء وباني صرح العدالة المغربية

إن بناء المؤسسات في المجتمعات الحديثة يتطلب قيادات تمتلك رؤية استراتيجية وشجاعة في اتخاذ القرارات الحاسمة، وفي المغرب يمثل المجلس الأعلى للسلطة القضائية أحد أهم أعمدة دولة الحق والقانون، وقد لعب محمد عبد النبوي، كرئيس لهذه المؤسسة، دورًا محوريًا في تعزيز استقلالية القضاء وترسيخ مبدأ الشفافية.

منذ تعيينه رئيسًا للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، قدم عبد النبوي تصورًا مستقبليًا لبناء قضاء مستقل ومتطور، ارتكزت رؤيته على ضمان استقلالية السلطة القضائية كحق دستوري وأساس للعدالة، مع الالتزام بتطوير آليات الاشتغال الداخلي للمجلس بما يضمن تحقيق عدالة ناجعة وفعالة، تحت قيادته شهد المجلس دينامية جديدة، حيث أصبحت الشفافية في اختيار القضاة ومساءلتهم جزءًا من منهجية العمل، كما ركز على تحسين بيئة العمل القضائي، بما في ذلك تحديث البنية التحتية للمحاكم واعتماد التقنيات الحديثة لتعزيز الأداء القضائي.

أحد أبرز التحديات التي واجهها عبد النبوي كان تحقيق استقلالية القضاء عن باقي السلطات، بما يضمن نزاهة القرارات القضائية وتعزيز ثقة المواطن في النظام العدلي، في هذا السياق عمل على تقوية دور المجلس كمؤسسة مستقلة، مسؤولة عن تدبير شؤون القضاة بعيدًا عن أي تأثير سياسي أو إداري، وكان عبد النبوي واعيًا بأن الاستقلالية لا تعني الانفصال عن الواقع المجتمعي، بل إن القضاء المستقل يجب أن يكون في خدمة المواطنين ومصالحهم، لذا أولى أهمية كبيرة للتكوين المستمر للقضاة وتطوير مهاراتهم، لضمان إصدار أحكام عادلة ومواكبة للتطورات القانونية والاجتماعية.

في عصر الثورة الرقمية أدرك عبد النبوي أهمية التحول الرقمي في النظام القضائي، وأطلق مشاريع طموحة لرقمنة المساطر القضائية، مما ساهم في تسريع البت في القضايا وتقليص التأخير الذي كان يشكل عائقًا أمام تحقيق العدالة، كما عمل على تعزيز الشفافية من خلال تمكين المواطنين من الوصول إلى المعلومة القانونية بسهولة، سواء عبر المواقع الإلكترونية للمحاكم أو من خلال تطبيقات ذكية تتيح متابعة الملفات القضائية.

رغم الإنجازات يظل الطريق نحو قضاء مثالي مليئًا بالتحديات، تعقيدات المساطر القانونية، نقص الموارد البشرية، وتراكم القضايا أمام المحاكم هي إشكاليات تتطلب جهودًا مستمرة للتغلب عليها، عبد النبوي، برؤيته الإصلاحية وعزيمته القوية، يمثل نموذجًا للقائد الذي يدرك أن بناء مؤسسة قضائية حديثة ومستقلة هو عمل جماعي يتطلب تعاونًا بين القضاة، المحامين، والمجتمع المدني.

إن القيادة الحكيمة لمحمد عبد النبوي على رأس المجلس الأعلى للسلطة القضائية تبرز كقصة نجاح مغربية في مسار بناء دولة المؤسسات، فبين تعزيز استقلالية القضاء، تحديث بنياته، وضمان شفافيته، نجح عبد النبوي في إرساء قواعد متينة لعدالة منصفة وعصرية، تليق بمغرب يطمح إلى ترسيخ الديمقراطية وسيادة القانون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى