سياسيون بلا حلول، صور بلا قيمة.. هل تكفي ابتساماتهم لتحسين وضع فاس؟
“إننا عازمون على جعل من المغرب دولة حقوقية، دولة لا تستثني أحدًا في ضمان حقوقه، دولة تقدم خدماتها لمواطنينا بكل شفافية وجدية”. بهذه الكلمات، أكد الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى 23 لعيد العرش على ضرورة إصلاح كل القطاعات الحيوية، وعلى رأسها السياسة والأمن، ليكون المواطن في صلب هذه الإصلاحات. لكن، هل التقط السياسيون في فاس هذه الرسالة؟ أم أن الطابع الرمزي للصور مع المسؤولين هو الذي يسيطر على مفاصل السياسة في المدينة؟
في فاس، كما في كثير من المدن المغربية، يبدو أن السياسة قد تحولت إلى عرض صور ومظاهر بحتة، حيث لا يكاد يمر حدث سياسي أو اجتماعي إلا ويُختتم بابتسامة في صورة جماعية مع رجال السلطة. هذه الصور، التي سرعان ما تجد طريقها إلى صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية، تشكل النوع المفضل من “الإنجازات” التي يعرضها السياسيون، وكأن الحضور في الفعالية يكفي ليكون ذلك دليلاً على “الإنجاز”. وبينما يكون الجميع في الصورة، يظل المواطن في أسفل السلم ينتظر أفعالًا حقيقية لا مجرد صورة جميلة تُلتقط من زاوية “مناسبة”.
من خلال المقارنة مع الأفعال الميدانية والتفاعلات الحقيقية مع هموم المواطن، يبدو أن هذه الصور لا تحمل في طياتها أكثر من حالة من “الاحترافية البصرية” التي تسعى إلى إظهارهم في أفضل صورة أمام كاميرات الصحافة. في الوقت الذي يحتاج فيه المواطن إلى حلول ملموسة وقرارات فاعلة، يتفاجأ بغياب أي برنامج أو استراتيجية حقيقية، ويظل السؤال معلقًا: هل تَكْفِي ابتسامة أمام الكاميرا لإصلاح وضع المدينة؟ هذه هي “المعضلة” التي يعاني منها السياسيون في فاس الذين يحاولون الجمع بين الظهور في وسائل الإعلام وغياب أي تغييرات فعلية.
قد يظن البعض أن وجود السياسيين في المناسبات الرسمية يضمن لهم حضورًا شعبيًا وجماهيرًا مؤيدًا، لكن الصورة لا تبني الوطن، ولا توفر له أية حلول. “ماشي كل واحد كيصور يولي فنان”، كما يقول المثل المغربي الشعبي، الذي يعكس بشكل ساخر واقع السياسيين الذين يظنون أن الصورة وحدها كافية لتحقيق شهرة. وفي حين يعج العالم الرقمي بصورهم المتألقة، يظل المواطن في الشارع يتعامل مع غياب الجدية في اتخاذ القرارات الهامة. “في الجبل مشيتي للقمّة وبقيتي فالحفرة”، مثل آخر يعكس هذا الفارق بين الظهور في الحدث والمغزى الحقيقي للوجود السياسي.
نحن في فاس، نحتاج إلى سياسيين لديهم قدرة على تقديم حلول واقعية تتماشى مع التحديات الأمنية والاجتماعية، بعيدًا عن الشعارات والصور. المطلوب هو إرادة حقيقية لتحسين الوضع المعيشي للمواطنين، والعمل الجاد على تحسين الأمن والبنية التحتية، مع التركيز على استراتيجيات طويلة المدى. بدلًا من أن يظل السياسيون يتسابقون للظهور في صور، عليهم أن يتحملوا المسؤولية ويواجهوا الواقع بجدية، كما يطمح الملك محمد السادس، في عمل جماعي يضمن مصلحة الجميع.
إن التساؤلات التي تطرح نفسها هنا هي: هل يكفي للسياسيين في فاس الاستمرار في تقديم أنفسهم من خلال صورهم، أم أنهم سيتحولون إلى “أبطال حقيقيين” بخطط ملموسة؟ هل ستظل السياسة في فاس مجرد صورة فوتوغرافية تُختتم بها الاجتماعات؟ أم أن المواطن سيشاهد التغيير المنشود الذي يجلب له الأمن والراحة الحقيقية؟ في النهاية، ماذا لو ترك السياسيون “الكاميرا” جانبًا وبدأوا العمل على أرض الواقع؟