الصحراء المغربية بعد اعتراف فرنسا: مرحلة جديدة من الحسم الدبلوماسي؟
شهد ملف الصحراء المغربية تطوراً تاريخياً بإعلان فرنسا اعترافها الرسمي بسيادة المغرب الكاملة على أقاليمه الجنوبية، وهو القرار الذي يُعد منعطفاً في هذا النزاع الإقليمي الذي دام لعقود، ويأتي هذا الاعتراف كخطوة تعزز موقف المغرب الذي حقق سلسلة من الانتصارات الدبلوماسية في السنوات الأخيرة، ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة قد تكون حاسمة في إنهاء هذا النزاع.
فرنسا، التي ظلت لسنوات تتخذ مواقف متوازنة تجاه الملف، أقدمت على هذه الخطوة في ظل التحولات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، ومع اعترافها، تلتحق بركب دول كبرى، مثل الولايات المتحدة وإسبانيا، التي أعلنت مواقف مماثلة، مما يعكس تنامي الدعم الدولي للموقف المغربي المستند إلى مقترح الحكم الذاتي كحل واقعي وعملي لإنهاء النزاع.
هذا الاعتراف الفرنسي يطرح عدة تساؤلات حول تداعياته الإقليمية والدولية، خاصة أنه يأتي في وقت تتزايد فيه التوترات بين المغرب والجزائر، الراعية لجبهة البوليساريو، إذ يُتوقع أن تزيد هذه الخطوة من عزلة الجزائر دبلوماسياً، خاصة مع توالي انسحابات الدول من الاعتراف بالكيان الوهمي، ومع ذلك، يبقى السؤال مطروحاً حول رد الفعل الجزائري ومدى قدرتها على تعديل استراتيجيتها إزاء النزاع.
على المستوى الداخلي، يعزز الاعتراف الفرنسي الثقة الوطنية بالموقف المغربي، حيث يُعد شهادة دولية إضافية على عدالة القضية المغربية، كما أنه يدعم المشاريع التنموية الكبرى التي أطلقها المغرب في الأقاليم الجنوبية، والتي تحولت إلى نموذج للتنمية والاستثمار، مما يؤكد على واقعية الطرح المغربي ويبرز التزام المملكة بإيجاد حل سلمي ومستدام.
ومع هذا التطور، يبقى التحدي الأكبر متمثلاً في تحويل هذا الزخم الدبلوماسي إلى حل نهائي للنزاع، إذ تتجه الأنظار الآن إلى الأمم المتحدة ودورها في الدفع نحو تسوية شاملة تضع حداً لهذا النزاع المفتعل، فهل ستؤدي التحولات الأخيرة إلى تسريع مسار التسوية؟ وهل ستتمكن الجزائر من مراجعة مواقفها لتكون جزءاً من الحل بدل الاستمرار في التصعيد؟
الصحراء المغربية، التي كانت دائماً في صلب القضايا الوطنية، تدخل اليوم مرحلة مفصلية في تاريخها الحديث، مرحلة تعزز مكانة المغرب كقوة إقليمية ودولة ذات سيادة كاملة على كل أراضيها، ويبقى الرهان الأكبر هو الحفاظ على هذا الزخم وتحقيق المزيد من المكاسب السياسية والتنموية التي تعزز مكانة الأقاليم الجنوبية كجسر بين المغرب وعمقه الإفريقي.