انفصال الريف المغربي: بين الأوهام السياسية ورفض الساكنة للحزب الريفي الحر
لطالما أثارت فكرة انفصال منطقة الريف جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والشعبية بالمغرب. هذه الفكرة التي تروج لها بعض الأطراف بين الحين والآخر تحمل في طياتها أوهاماً سياسية لا تمت للواقع بصلة، مستغلة قضايا التهميش والمطالب التنموية للمنطقة. إلا أن الحقيقة الثابتة هي أن أبناء الريف ظلوا على مر التاريخ جزءاً أصيلاً من النسيج الوطني المغربي، ورفضوا الانخراط في مشاريع تفرقة تهدد وحدة البلاد.
في خضم هذا الجدل، ظهر “الحزب الريفي الحر” كواجهة جديدة لمثل هذه الدعوات. ورغم محاولاته تقديم نفسه كمدافع عن حقوق ومطالب ساكنة الريف، إلا أن الواقع يكشف عكس ذلك. الحزب يعاني من عزلة سياسية وشعبية داخل المنطقة نفسها، حيث يدرك الريفيون أن شعارات الانفصال ما هي إلا مغالطات تهدف لتحقيق مصالح ضيقة على حساب استقرارهم ومستقبلهم.
آخر المستجدات حول “الحزب الريفي الحر” تشير إلى أنه يعيش أزمة داخلية خانقة، بفعل افتقاره لرؤية واضحة وبرنامج عملي يخدم المنطقة. مصادر محلية أكدت أن السكان ينظرون بعين الريبة لهذا الكيان الذي ظهر فجأة دون أي جذور ميدانية حقيقية. بل إن الكثيرين يرون في تحركاته محاولة لزعزعة استقرار المنطقة بدلاً من المساهمة في حل مشاكلها.
على الجانب الآخر، تواجه الحكومة المغربية تحدياً كبيراً في مواجهة هذه الدعوات الانفصالية. ومع ذلك، قامت بخطوات مهمة لتجاوز إرث عقود من التهميش، من خلال إطلاق مشاريع تنموية ضخمة لتحسين البنية التحتية وتوفير فرص العمل. ورغم أن هذه الجهود لم تحقق كل ما يطمح إليه سكان الريف، إلا أنها تعكس إرادة سياسية جادة لمعالجة التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة.
أما على المستوى الشعبي، فالتأييد لهذه الدعوات يتراجع بشكل ملحوظ، مع تنامي الوعي بأن مستقبل الريف مرتبط بالتنمية والتكامل الوطني، وليس بشعارات الانفصال التي تفتقر إلى المصداقية. أبناء الريف، بوعيهم وتاريخهم النضالي، يرفضون الانسياق وراء مشاريع تهدد استقرارهم، ويدركون أن الحل يكمن في تعزيز العدالة الاجتماعية داخل إطار الوحدة الوطنية.
الدعوات الانفصالية في الريف ليست جديدة، لكنها لم تجد يوماً أرضاً خصبة تنمو فيها. الأسباب واضحة: الارتباط التاريخي والثقافي للريف بالمغرب، ووعي السكان بالمخاطر التي تحملها هذه المشاريع، إلى جانب غياب أي رؤية عملية تقدم حلولاً حقيقية للتحديات التنموية.
مشروع “الحزب الريفي الحر” يبدو محكوماً عليه بالفشل، ليس فقط بسبب رفض الدولة، بل لأن الساكنة نفسها تدرك أن تحقيق مطالبها لا يمكن أن يتم عبر مغامرات سياسية عقيمة. الريف، بكل ثقله وتاريخه، يظل جزءاً لا يتجزأ من المغرب، ومستقبله يكمن في مزيد من الانخراط في بناء مغرب موحد، بعيداً عن الأوهام والشعارات الفارغة.