أوزين.. “الفقيه الذي صلى على كابرانات الجزائر صلاة الغائب”.
في قاعة تعج بأطر التعليم وأعضاء الحركة الشعبية، وقف محمد أوزين كعادته، مرتديًا جلباب الفكاهة السوداء، وحاملاً سلاح الكلمة الساخرة، المشهد أشبه بخطبة جمعة، لكنه كان أكثر جرأة ومرارة. بدأ أوزين خطابه كما يبدأ الواعظ دعاءً بعد صلاة الغائب، مستحضراً حال الجارة الشرقية الجزائر، التي باتت غارقة في مسرحيات هزلية أشبه بـ”رقصة الديك المذبوح”.
اختار الأمين العام للحركة الشعبية هذه المرة أن يتقمص دور الفقيه، لكن ليس ليعظ أتباعه، بل ليهدي كابرانات الجزائر ما وصفه بـ”دعاء صادق من القلب”، قال بصوت لا يخلو من السخرية المبطنة: “اللهم ثبتهم على غيّهم، فإن في غيّهم نعمةً لنا، اللهم لا تجعلهم يستفيقون، فإن استيقاظهم بلاء!”، ضحكات مكتومة في القاعة واكبت كلماته، لكن خلف هذه الفكاهة كان هناك غضب عارم يختبئ.
الجزائر، التي نظمت مؤخرًا عرضًا مسرحيًا تحت عنوان “جمهورية الريف”، اعتقدت أنها وجدت وسيلة جديدة للنيل من المغرب، في مشهد عبثي وصفه أوزين بـ”ندوة لمن لا ندوة له”، جمعت شرذمة من الانفصاليين والمرتزقة، زودتهم بما يلزم من المال والكلام، ظناً منها أن هذه الشطحات قادرة على زعزعة المغرب أو حتى خدش صورته الدبلوماسية، لكن أوزين، بتعابيره الساخرة، رسم صورة معاكسة تمامًا: “إنها مجرد هزات ارتدادية لزلزال الدبلوماسية المغربية الذي أفقدهم توازنهم.”
حين التفت أوزين إلى الحاضرين، بدا وكأنه يشاركهم سرًا مضحكًا، قال بنبرة تجمع بين الحزن والتهكم: “إن ما يحدث في الجزائر ليس سياسة، بل مرض أصاب العقول والقلوب، مرض الحقد على المغرب… مرض يجعلهم ينفقون المليارات على مسرحيات بائسة، بدلًا من أن ينفقوها على تحسين معيشة شعبهم.” استقبل الحاضرون كلماته بتصفيق حار، وكأنهم يدركون أن السخرية هنا ليست فقط سلاحًا، بل حقيقة مؤلمة.
لكن أوزين لم يكتفِ بذلك، بل ختم كلمته بنبرة واثقة: “بينما يرقصون رقصة نهايتهم، نحن في المغرب نبني ونتقدم، نحن لا نرد على شتائمهم إلا بالعمل، كلما أشعلوا نار الفتنة، زدنا إشعالاً لنور التنمية، وكلما حشدوا الأكاذيب، أضفنا صفحة جديدة إلى سجل انتصاراتنا.”
وفي نهاية المشهد، خرج أوزين من القاعة وسط تصفيقات حارة وضحكات لا تزال تتردد بين الجدران، أما دعاؤه، الذي كان خليطًا بين الحقيقة والمجاز، فقد وجد طريقه إلى مسامع الجميع، بما في ذلك أولئك الذين تستهدفهم كلماته في الجارة الشرقية.