بالدليل التاريخي…الدكتور رشيد عمور يبرز بيعة اهل الصحراء لملوك المغرب
أكد الدكتور رشيد عمور، أستاذ التعليم العالي بكلية متعددة التخصصات بالرشيدية، حضور الثوابت الدينية المغربية بالأقاليم الصحراوية المغربية، مقدما الأدلة التاريخية على رسوخ إمارة المؤمنين، وبيعة سكان الصحراء لسلاطين المغرب، إلى جانب العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي والتصوف السني بتلك الربوع.
جاء ذلك خلال مشاركة الأكاديمي عمور مساء الخميس 21 نونبر 2024، بالكلية متعددة التخصصات بالرشيدية، في ندوة “الصحراء المغربية الثوابت الدينية الراسخة والسياقات الدبلوماسية الراهنة”، التي عُقدت ضمن الأسبوع الثقافي، الذي نظمته جامعة مولاي إسماعيل بمكناس بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة، والذكرى التاسعة والستين لعيد الاستقلال المجيد، تحت شعار: “الصحراء المغربية من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير”.
وبين الأستاذ المحاضر في كلمته المعنونة ب” الثوابت الدينية المغربية بأقاليمنا الجنوبية تاريخ وأعلام وقضايا”، بالأدلة العلمية والتاريخية بيعة أهل الصحراء لأمير المؤمنين، موضحا أن العلاقات التواصلية بين المغرب وصحرائه بلغت أوجها وازدهارها مع الدولة العلوية الشريفة، خصوصا مع السلطان المصلح سيدي محمد بن عبد الله العلوي، الذي كانت له علاقات علمية وتواصلية مع علماء الصحراء، فقد زاره الشيخ حبيب الله المجيدي عندما كان ذاهبا لأداء فريضة الحج، وكانت له علاقات تواصلية قوية مع الشيخ سيدي المختار الكنتي الكبير، وأورد الدكتور عمور رسالة من الشيخ الكنتي الى السلطان العلوي توجد نسخة منها بالخزانة الحسنية بالرباط جاء فيها: ” فمن العلامة المسدد … الشيخ سيد المختار بن سيد أحمد بن أبي بكر الكنتي الوافي ، إلى من توسط ذُؤابة عبد مناف ، واستعلى أرومة هاشم ذروة الأشراف … أمير المؤمنين سيدنا ومولانا سيد محمد بن مولانا عبد الله بن مولانا إسماعيل نضر الله أيامه ، ونصر أعلامه”.
واشار الى متانة العلاقات التواصلية بين المغرب وعمقه الإفريقي مع السلطان مولاي عبد الرحمان بن هشام العلوي، الذي وطد نظام الحكم بالجنوب المغربي واستقبل الوفود الصحراوية، وقد كلف الشيخ سيدي امحمد الكنتي الصغير نائبا عنه في منطقة الصحراء بظهير شريف.
وسلط المتحدث الضوء على إحدى الوثائق المخطوطة التي تثبت قوة العلاقات الشرعية والتاريخية وهو ظهير شريف للسلطان الحسن الأول الذي أرسله للشيخ أحمد بن الأعمش الجكني، حيث عينه قاضيا على قبيلة تجكانت بتندوف سنة 1886 ميلادية.
وأكد الدكتور عمور رسوخ إمارة المؤمنين بالأقاليم الصحراوية وبلاد البيظان، موضحا انتماء الاقاليم الجنوبية الصحراوية الى المغرب عبر العصور التاريخية المختلفة، وقدم في هذا السياق نموذج الشيخ ماء العينين، الذي عاصر أبرز السلاطيين خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وهم: مولاي عبد الرحمان بن هشام والحسن الأول، مولاي عبد العزيز، ومولاي عبد الحفيظ، ونسق معهم في مقاومة المستعمر الفرنسي والإسباني، وكذلك كان يراسل السلطة المركزية فساعدته في بناء مدينة السمارة.
وأوضح مقاومة البيضان بالتنسيق مع مولاي عبد العزيز ومولاي عبد الحفيظ في العديد من المعارك خصوصا في منطقة شنقيط وأطار وتشيت وتناكت.
وأبرز الأستاذ المحاضر انتشار العقيدة الأشعرية بأقاليم الصحراء المغربية، مشيرا إلى بعض المؤلفات العقدية المخطوطة بهذه البقاع.
وسلط الدكتور عمور الضوء على استقرار المذهب المالكي ببلاد الغرب الإسلامي عموما وبلاد المغرب خصوصا، مبرزا مدى القبول الذي لاقاه في الصحراء المغربية.
ولفت إلى ثبوت الوحدة المذهبية في السلوك والتصوف السني من خلال طريقة الجنيدي، مبينا انتشار التصوف الجنيدي ببلاد المغرب، وبين علاقة الإمداد والاستمداد بين المغرب وبلاد البيظان في التصوف والسلوك.
يُذكر أن هذه الندوة العلمية عرفت مشاركة كل من الدكتور عبد العالي المتليني بكلمة حول موضوع “الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء: السياق والتأثيرات”، والدكتور عبد الرزاق العساوي بمداخلة حول “الصحراء المغربية: من الدبلوماسية الرسمية الى الترافع المدني”، والدكتورة فاطمة الزهراء علاوي بكلمة حول “التراث القضائي بالصحراء المغربية”.