تملق بلا حدود.. هل تنهض فاس بنخب سيَّاسية تنحني للوالي بدل أن تنهض بالمدينة؟
في الوقت الذي تحتاج فيه فاس إلى نخب سياسية تستوعب عمق الرؤية الملكية للإصلاح والتطوير، نشهد أمامنا مسرحية سياسية مضحكة إن لم تكن مبكية لنخب تسعى لتلميع صورتها والتقرب بالمديح والمداهنة للوالي الجديد، معاذ الجامعي، فبدلاً من أن يكونوا جسراً بين تطلعات الملك واحتياجات المواطن، ارتدت هذه النخب ثوب المجاملة والابتذال، متسابقة للظهور في مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات رنانة وصور تذكارية، وكأنّ الحل لمشاكل المدينة يكمن في “اللايك” و”التعليق”.
فاس اليوم تتخبط في مشاكل حقيقية كالبطالة وضعف البنية التحتية وانتشار الفقر، وعلى الرغم من أن المدينة بحاجة إلى نخب سياسية قوية تضع استراتيجيات جادة وتتحمل مسؤولياتها بإخلاص، نجد برلمانييها وسياسييها يتسابقون لإرضاء الوالي، وكأنّ هذه العلاقات العامة الجوفاء هي كل ما يحتاجونه للبقاء في مناصبهم، ولعلّ أكثر ما يثير الاستهجان هو مشاهد ظهور بعض البرلمانيين يصغّرون أنفسهم أمام الوالي، بانحناءات مريبة وابتسامات مجاملة لا تليق بمن يمثل الأمة، خاصةً أن الوالي الجديد يعرف جيداً أن مثل هذه التصرفات لا تصدر إلا عن مفسدين لا يثقون بأعمالهم ولا يهمّهم تمثيل ساكنتهم بقدر ما ينشغلون بخدمة مصالحهم الشخصية.
في ظل هذا الوضع، تفتقد فاس إلى مسؤولين حقيقيين يحولون تطلعات الساكنة إلى خطط ملموسة للنهوض بالمدينة، فالوالي الجديد معاذ الجامعي يجد نفسه أمام نخبة تتقن التصفيق بدلاً من التخطيط، وتفضّل التملق على الفعل، هذه الطبقة السياسية التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة لم تقدم إلا سلوكيات سطحية وممارسات عتيقة تخالف أهداف الوالي وتفقد ثقة المواطن، ويبقى السؤال معلقاً: هل هذا التملق البائس موجه لمصلحة فاس حقاً، أم أنّه بوابة آمنة لإعادة تموضعهم والحفاظ على مقاعدهم مستقبلاً؟ الإجابة تبدو واضحة في ظل هذا اللهث المريب خلف صور وشهادات من الوالي، فاس لن تتقدم بنخب تفتقد الرؤية وتكتفي بالتقرب والتزلف، ولن تتطور بوجود من يُحنون رؤوسهم دون وعي ويستسلمون للظهور على حساب العمل الجاد.
في نهاية المطاف، لن تُحل مشاكل فاس بمن ينحنون لمنصب أو يمدحون واليًا، فالتغيير يتطلب الشجاعة السياسية والقدرة على تحقيق تطلعات السكان وفقاً للرؤية الملكية النيرة، إنّ سكان فاس يستحقون نخباً تستجيب لطموحاتهم وليس سياسيين يسعون وراء الكاميرات والمظاهر.