حكاية قلم عائد من السجن .. “افتتاحية المساء” ستعيد الأمل وتواجه تحديات العهد الجديد.
يشرّفني، في لحظة تجمع فيها بين النهايات والبدايات، أن أكون كاتب افتتاحية “المساء” الإلكترونية، هذه الصفحة التي أسكنها الآن ليست مجرد كلمات عابرة، بل مسارٌ جديدٌ أُخطّه بمدادٍ عُجن بصبر التجربة، ومرارة السجن، بمدادٍ لا يعرف معنى التلون، أو الخضوع لأي بريق زائف، هي تجربة من نوع آخر، تختزل في طياتها جرحًا تعلّم الصبر، وتحوّلت إلى حروف تعيد للمجتمع ثقته في صوتٍ لا يجامل، ولا يمالئ، يجرؤ على حمل همومه وآماله بكل ما أوتي من صدق.
في أروقة السجن، بين جدرانه الصامتة، تعلمت أن للكلمات وزنًا ثقيلًا، وأن الأمانة تتخطى حدود الأوراق، فهي عهدٌ أخذه المرء على نفسه أن تكون كلماته تعبيرًا صادقًا عن الحقيقة، أدركت أن قلمي لم يعد مجرد أداة للكتابة، بل حياة متجددة، صوت يعانق هموم الناس دون تحيز، مرآة تعكس تطلعاتهم وآلامهم، خاليًا من زيفٍ أو مواربة، وفيًّا للمبادئ التي نضجت في تلك العزلة الباردة، كجذور شجرة تتشبث بالأرض في مواجهة الرياح العاتية.
أنا هنا اليوم، بفضل هذا الألم الذي صقلني، أسطّر كلماتي بروحٍ متصالحة، روح خرجت من ظلمات السجن لتضيء طريقًا جديدًا، مستعدّة لأن تلتزم بكل حرف من حرفها، يسعدني أن أكتب لأجلكم، مستلهمًا من نبض الشارع، من أحلامكم التي لا تفنى، ومن إصراركم على الحق، هنا أكون ليس فقط كاتبًا، بل شاهدًا ومشاركًا في مسيرة تجديد الثقة بين القلم والناس، لأن الكلمات التي نكتبها ليست لنا وحدنا، بل هي أمانة في أعناقنا، ورسالة تتجاوز حدود الزمان، والمكان.