من الفن إلى العفن: مسابقة غنائية مغربية تثير الجدل
تشهد الساحة الفنية المغربية تنظيم مسابقة غنائية تستهدف اكتشاف الأصوات الجديدة، غير أن أسلوب إدارة المسابقة أثار موجة من الانتقادات من طرف جمهور واسع من عشاق الموسيقى والمتخصصين في المجال الفني. وقد أعرب العديد من المراقبين عن استيائهم من الخيارات التي تعتمدها لجنة التحكيم، حيث تتسم عملية اختيار الأغاني بتجاهل واضح للمعايير الفنية التي ترتكز على إبراز قدرات المتسابقين الصوتية والأدائية.
حيث ان لجنة التحكيم كان يُفترض أن تكون عصبًا داعمًا للمواهب الناشئة، لجأت إلى اختيار أغنيات حديثة يغلب عليها الطابع التجاري بدلًا من تلك التي تتمتع بقيمة موسيقية عالية.
ورغم ما تحمله الأغاني العصرية من جاذبية للجمهور الشاب، فهي ليست دائمًا الخيار الأمثل لعرض الإمكانيات الصوتية أو إظهار التنوع الإبداعي لدى المتنافسين.
كما وصف المتابعون هذه الخطوة بأنها المؤشر على انحدار الذائقة الفنية وغياب الرؤية الواضحة لتطوير المواهب الشابة. فبدلًا من الاعتماد على أغاني معروفة بتحدياتها الفنية، والتي تحتاج إلى قدرات حقيقية في الأداء والتحكم بالصوت، يقتصر التركيز على محتوى يفتقر إلى العمق والإبداع. هذا النهج، وفقًا للمحللين، يساهم في تعزيز ثقافة التبسيط الموسيقي على حساب الأصالة والإتقان.
من جهة أخرى، يُنتقد كذلك عدم تقديم الدعم الكافي للمتسابقين من خلال التوجيه الأكاديمي أو الفني. فالمسابقة لم تُظهر حرصًا على إعداد المشاركين بالشكل الذي يرفع من مستوى أدائهم، سواء عبر ورشات تدريبية مكثفة أو جلسات عمل مع متخصصين في الموسيقى. ويعزو البعض هذا القصور إلى غياب الاحترافية في تنظيم الحدث وإلى ضعف اهتمام القائمين عليه بالرسالة الثقافية الأوسع.
ويرى النقاد أن مسابقة بهذا الحجم يجب أن تتجاوز الطابع الاستعراضي الذي يسعى فقط إلى تحقيق نسب مشاهدة مرتفعة. إذ يُتوقع من مثل هذه المبادرات أن تكون منصة حقيقية لتكوين فنانين يحملون رسالة فنية راقية ويُسهمون في إثراء المشهد الموسيقي المغربي.
في ظل هذه الانتقادات، تُطرح تساؤلات جوهرية حول أهداف هذه المسابقة ومدى التزامها برعاية المواهب الموسيقية بالشكل الذي يضمن لهم التقدم في مشوارهم الفني. هل تسعى فقط إلى ملء الفراغ الإعلامي بفعاليات استهلاكية أم أنها تحمل رؤية طموحة لخلق جيل جديد من الفنانين المبدعين؟
فالجواب على هذه التساؤلات سيحدد مستقبل هذا النوع من المبادرات، وإن كان يستدعي بالضرورة إعادة النظر في منهجية عمل لجان التحكيم وآليات اختيار المشاركين والأغاني، بحيث تُستعاد الهيبة المفقودة لمفهوم المسابقات الفنية.
بقلم: راغب سهيلة