الأمازيغية والعدالة في وطن يتخبط بين الشعارات والتهميش
في نهاية عام 2024، تقف جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان لتعيد طرح الأسئلة الحارقة التي يتفاداها الجميع، حيث لم يُحقق المغرب بعد قفزته المنتظرة نحو الديمقراطية والتنمية الحقيقية. فلا تزال سياسات الدولة عاجزة عن مواكبة تطلعات المجتمع المغربي المتنوعة، بما يتماشى مع القيم الكونية لحقوق الإنسان ومتطلبات العصر الحديث.
فلا سياسة جنائية واضحة تضمن حماية المال العام والحريات، ولا مدونة أسرية حديثة تنصف الأسرة المغربية وترسخ المساواة، ولا قانون للإضراب يحترم جوهر هذا الحق. حتى التشريعات الأخرى، كالقانون الجنائي والمسطرة الجنائية، تظل عالقة بين ضعف المؤسسات التشريعية وفقدان الإرادة السياسية الحقيقية.
وسط هذا الركود، تبرز الأمازيغية كضحية للتهميش والإقصاء الممنهج، رغم كونها الهوية العميقة للمغاربة. البيان الحقوقي يدق ناقوس الخطر، مؤكداً أن الديمقراطية في المغرب لن تكون إلا مجرد شعارات فارغة ما لم تُعاد الأمازيغية إلى موقعها الطبيعي كمحور أساسي لمشروع وطني شامل.
لا ديمقراطية دون سياسة أمازيغية شاملة تعترف باللغة والثقافة الأمازيغيتين كجوهر أصيل لحياة المغاربة. التعليم يجب أن يضع الأمازيغية في صلبه، لتصل إلى كل قرية وبادية، ولتكون الثقافة الأمازيغية، بكل أبعادها من أدب وفن ومعمار، جزءاً من الحياة اليومية.
كما يدعو البيان إلى إعادة كتابة تاريخ المغرب استناداً إلى حقائق علمية وأركيولوجية، بعيداً عن التزييف الإيديولوجي الذي خدم أطرافاً مشرقية لا تمت بصلة للواقع المغربي. المصالحة مع تاريخ برغواطة وغيرها من المحطات التاريخية ضرورة حتمية لإعادة الكرامة التاريخية للمغرب.
وفيما يتعلق بالدين، فإن البيان يطالب بقطيعة جذرية مع التدين الشرقي المتطرف، والدعوة إلى تعزيز التدين المغربي المعتدل والمتجذر في الخصوصية التاريخية لإمارة المؤمنين، التي لطالما كانت حاميةً للتنوع الديني والثقافي.
تختتم الجمعية بيانها بمطلب ملح: مدونة أسرية جديدة تنسجم مع المواثيق الدولية، تحقق المساواة بين الرجل والمرأة، وتصون كرامة الطفولة، لتصبح الأسرة المغربية مساحة للسعادة لا للصراع. كما تدعو إلى تعليم مجاني وديمقراطي يصل إلى كل طفل وطفلة، خصوصاً في المناطق القروية المهمشة.
هذا البيان ليس مجرد دعوة للتفكير، بل صرخة تُلزمنا بإعادة النظر في خياراتنا كأمة. فالأمازيغية ليست قضية فرعية أو ترفاً فكرياً، بل هي جوهر النضال من أجل العدالة والكرامة في وطن يسعى للخروج من متاهات التهميش والتبعية.