إلياس الخريسي.. محامي الرجال وضحية وهم المؤامرة!

بقلم: راغب سهيلة

إلياس الخريسي حالة فريدة من نوعها، فهو ليس مجرد مدوّن عادي، بل ظاهرة تمزج بين الفقه الافتراضي، والتحليل القانوني الساخر، وصناعة نظريات المؤامرة المضحكة. الرجل يرى في كل قرار أو قانون مؤامرة محبوكة تستهدف الرجال، ويعتقد أن النساء يزغردن فرحاً في حفلة كونية لتحطيم الزواج وتشجيع “الزنا”، على حد تعبيره.

في آخر تدويناته المثيرة للجدل، خرج الخريسي بتفسير عبقري للوضع الاجتماعي، قائلاً إن “الدولة تكرهك في الزواج وتشجعك على الزنا”. يا لها من رؤية عميقة تستحق أن تُدرّس في كتب “النظريات العجيبة”! الرجل يعتقد أن تسهيل إجراءات الطلاق وتمتيع المطلقة بحقوقها ليست سوى مكافآت تحفز النساء على الزواج بهدف الطلاق، وكأن المرأة المغربية تنتظر فرصة العمر للحصول على “الجائزة الكبرى” بعد الطلاق.

أما عن تقاسم الأملاك، فهي بالنسبة للخريسي خطة ماكرة تهدف إلى تدمير روح المغامرة لدى الرجال، وكأن كل مغربي يمتلك قصوراً وشركات يخاف أن تُقسّم بعد الزواج. ربما نسي أن معظم الرجال بالكاد يمتلكون شقة صغيرة، إن وجدت أصلاً. لكن في عالم الخريسي، الواقع مجرد تفصيل صغير أمام عبقرية تحليله.

مدونة الأسرة لم تسلم هي الأخرى من هجومه، حيث يراها الخريسي أداة لـ”مهاجمة الرجل” و”جعله يكره الزواج”. ولأنه، بحسب منطقه، الرجل هو من يبادر إلى الخطبة والزواج، فإن المدونة قررت أن تعاقبه! يا له من منطق. الحقيقة أن المدونة تسعى إلى تحقيق التوازن وضمان حقوق الطرفين، لكن يبدو أن فكرة المساواة هذه تُزعج أبطال المؤامرات.

ثم تأتي قضية التعدد، التي يصف منعها أو تقييدها وكأنه نهاية العالم. الخريسي يحن إلى زمن كان فيه التعدد بلا شروط، متجاهلاً أن القوانين الحالية وضعت لتجنب استغلال النساء وضمان كرامتهن. لكنه يرى في كل ذلك “مؤامرة نسوية”.

أما قمة الكوميديا فتتجلى في حديثه عن العلاقات الرضائية ودخول الفنادق دون عقد زواج. هنا، يُصور الخريسي الأمر وكأن الدولة تخطط لفتح أبواب الزنا على مصراعيها، متجاهلاً أن العلاقات الرضائية كانت وستظل خياراً شخصياً لا علاقة له بسياسات الدولة.

وفي نهاية خطابه العظيم، يختم الخريسي بفكرة أن “المرأة فرحانة تزغرت”، وكأن النساء المغربيات يقمن بحفلات يومية للاحتفال بهذه “المؤامرة الكبرى”. الحقيقة أن المرأة المغربية، مثل الرجل، تبحث عن حقوقها وكرامتها في مجتمع يواجه تحديات حقيقية، لكن هذه التفاصيل الصغيرة لا تهم الخريسي، فهي تعكر صفو خيالاته.

ربما حان الوقت للسيد الخريسي ليأخذ استراحة طويلة من “محاماة الرجال” ومحاربة المؤامرات الوهمية. لأنه، بصراحة، إذا كان هذا هو مستوى الخطاب الذي يدافع به عن الرجال، فنحن أمام حالة تستحق أن تُدرّس كواحدة من أغرب المحاولات لخلط الواقع بالخيال الكوميدي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى