إقالة سياسية أم قانونية؟ زواغة تُشعل نار الصراع مع شباط وأنصاره

في سابقة لم تشهدها مقاطعة زواغة منذ سنوات، صوّت المجلس الجماعي في دورته العادية لشهر يناير 2025 على معاينة إقالة ثلاثة أعضاء بارزين، في مقدمتهم حميد شباط وزوجته فاطمة طارق، إلى جانب المستشار الحسين بومشيطة. القرار، الذي استند إلى مقتضيات المادة 67 من القانون التنظيمي رقم 113-14، جاء بدعوى غيابهم المتكرر عن جلسات المجلس دون عذر مقبول.

حميد شباط، الذي لطالما أثار الجدل سواء كزعيم سياسي أو كعمدة سابق لفاس، وجد نفسه اليوم في موقف دفاعي بعد أن أصبح متهماً بـ”الإهمال السياسي”. تغيُّبه عن خمس دورات متقطعة دون تقديم مبرر قانوني كان كافياً ليُفعَّل نص المادة 67 بحقه، وهو نفس الأمر الذي طال زوجته فاطمة طارق. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل القرار قانوني بحت أم أن الأمر أبعد من ذلك؟

إحدى المستشارات فجّرت النقاش داخل الدورة حين وصفت الإقالة بأنها “مجرد تصفية حسابات سياسية” مع شخصيات شغلت الساحة المحلية. وأكدت في مداخلتها أن القانون، إذا طُبّق بعدالة، يجب أن يشمل جميع الخروقات داخل المجلس، من استغلال سيارات المقاطعة لأغراض شخصية إلى الحديث عن شبهات فساد و”إتاوات” تسلَّم لقضاء مصالح المواطنين.

الحديث عن انتقائية تطبيق القانون لم يكن جديداً على المشهد السياسي بفاس، لكنه عاد ليطفو على السطح مع هذه الإقالات. المستشارة المعارضة تساءلت عن الأسباب الحقيقية وراء تغيّب هؤلاء الأعضاء، داعية المجلس إلى التحقق مما إذا كانت هناك ظروف قاهرة أو مضايقات دفعتهم إلى الابتعاد عن جلسات المجلس.

في المقابل، أصرّ رئيس مجلس مقاطعة زواغة، إسماعيل الجاي، على أن القرار قانوني بامتياز. وقال في مداخلة له: “الإدارة تتوفر على كل الوثائق التي تثبت الغياب المتكرر لهؤلاء الأعضاء دون مبرر. ومعاينة الإقالة تأتي انسجاماً مع مقتضيات المادة 67 من القانون التنظيمي، ولهم كامل الحق في اللجوء إلى القضاء إذا شعروا بالظلم”.

إقالة حميد شباط، الرجل الذي كان يوماً ما أحد أعمدة المشهد السياسي بفاس، تُعدّ تطوراً درامياً في مسيرته. فمن قائد لحزب عريق وعمدة لإحدى أكبر مدن المملكة، إلى عضو مُقال من مجلس محلي بسبب الغياب، يبدو أن شباط يعيش منعطفاً حاسماً في مساره السياسي.

ورغم الإقالة، فإن أنصاره يرونها دليلاً آخر على استهداف الرجل الذي لم يكفّ يوماً عن إثارة الجدل ومواجهة خصومه بشراسة. فيما يراها خصومه سقوطاً مستحقاً لشخصية لم تعد قادرة على التكيف مع متغيرات المشهد السياسي الحالي.

إقالة شباط وزوجته قد تكون بداية لمعركة قضائية وسياسية جديدة. فالمجلس قرر تفعيل القانون، لكن خلفية القرار لا تزال محل تساؤلات عديدة. هل كان القرار انتقاماً من إرث شباط السياسي؟ أم أنه خطوة طبيعية في مسار تصحيح المسار داخل المقاطعة؟

ما هو مؤكد أن زواغة لم تطوِ صفحة شباط بعد، فالإقالة ليست سوى جولة جديدة في صراع سياسي ممتد، يُعيد تشكيل خريطة النفوذ في مدينة فاس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى