الزعامة الأحادية في الاتحاد الاشتراكي دمار الحزب على يد إدريس لشكر

منذ أن تولى إدريس لشكر قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهو الحزب الذي كان يومًا ما رمزًا للنضال الشعبي، وذاكرة مقاومة الاستعمار، دخل في مرحلة جديدة مليئة بالصراعات الداخلية والهزائم السياسية. لم يعد هذا الحزب الذي تأسس على يد أعلام كبيرة في تاريخ المغرب، بل تحول إلى ظلال ماضيه المجيد في ظل الزعامة الأحادية التي فرضها لشكر.

عندما تولى إدريس لشكر مقاليد الحزب، كان هناك آمال وتطلعات كبيرة لعودة الاتحاد الاشتراكي إلى مكانته السابقة، ولتقديم خطاب سياسي ينبثق من معاناة الجماهير الشعبية. لكن ما حدث على الأرض كان مختلفًا تمامًا. حزب الاتحاد الاشتراكي الذي كان يمثل القيم الديمقراطية والتقدمية وحقوق العمال والفقراء، تحول إلى حزب الولاءات الشخصية، العائلية والقبلية. وكأن التاريخ السياسي لهذا الحزب بدأ ينحرف عن مساره في ظل قيادة لشكر، ليقتصر على مصالح ضيقة في دائرة مقربة، فيما يبقى النضال الجماهيري في طي النسيان.

الاتحاد الاشتراكي الذي كان في يوم من الأيام يضم قامات سياسية لا يُستهان بها، من مثل عبد الرحيم بوعبيد، عبد الرحمان اليوسفي، ومجموعة من المناضلين الذين قدموا الكثير من أجل بناء المغرب الحديث، أصبح اليوم يقودها شخص ينتمي إلى الزعامة الأحادية. فإدريس لشكر فرض سلطته على الحزب، محولًا إياه إلى مجرد أداة بيد العائلة والمقربين. فكلما ذُكر اسم لشكر، إلا وعُرف تَسَبُّبُه في تراجع الحزب في الانتخابات، واهتزاز الثقة التي كان الحزب يحظى بها بين الجماهير الشعبية.

أمسى الحزب تحت قيادة لشكر فاقدًا للأفق السياسي، حيث اقتصرت الأولويات على إعادة تكريس الزعامة الخاصة. الطموحات العائلية أصبحت هي المحرك الرئيسي للأحداث داخل الحزب، مما أدى إلى عزوف مناضليه عن المشاركة الفعالة في العمليات السياسية.

تدهور الوضع داخل الحزب وصل إلى مراحل غير مسبوقة، حيث تجد نفسك أمام حزب غارق في الولاءات العائلية والقبلية، دون رؤية استراتيجية واضحة لخدمة المجتمع المغربي. الحزب الذي كان يُعتبر أداة للتغيير في مرحلة النضال ضد الاستعمار، أصبح اليوم في يد من يطمعون في تقوية مصالحهم الشخصية، متناسين الجماهير الشعبية التي كانت السبب في بزوغ نجمه.

ما يُلاحظ اليوم في الاتحاد الاشتراكي هو عزوف الشباب عن الانخراط فيه، والانتقادات الحادة التي يتعرض لها الحزب من الأعضاء القدامى، الذين يعبرون عن تذمرهم من الوضع الذي آل إليه الحزب تحت قيادة لشكر. فلا يُستبعد أن يواصل الحزب تدهوره إذا لم يحدث إصلاح داخلي حقيقي يضع الجماهير، وقيم الحزب الأصيلة، في صلب اهتماماته من جديد.

الحقيقة التي يجب أن يدركها إدريس لشكر، وكل من يسير على نهجه، هي أن الزعامة الحزبية ليست مجرد منصة لتمرير المشاريع الخاصة أو لحماية المصالح الضيقة، بل هي أمانة جماهيرية ومسؤولية تاريخية تجاه المواطنين الذين وضعوا ثقتهم في هذا الحزب. وإذا استمر الحال على ما هو عليه، فإن الاتحاد الاشتراكي سيظل يواجه مرحلة من التراجع السياسي، التي قد تكون النهاية الحقيقية لمكانته في الحياة السياسية المغربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى