السنة الأمازيغية تاريخ عريق وأصول متجذرة في هوية المغاربة
تعتبر السنة الأمازيغية جزءاً أصيلاً من التراث الثقافي والهوياتي للمغاربة، وتمثل شاهداً حياً على امتداد حضارتهم العريقة في أعماق التاريخ. يحتفل المغاربة بالسنة الأمازيغية الجديدة في 13 يناير من كل عام، وهو تقليد متوارث يعكس ارتباط الأمازيغ بأرضهم وهويتهم، التي امتزجت بمختلف مراحل التاريخ المغربي.
يعود تاريخ الاحتفال بالسنة الأمازيغية إلى أزيد من 2965 سنة، حيث يرتبط بداية التقويم الأمازيغي بحدث رمزي يتمثل في انتصار الملك الأمازيغي شيشناق على الفراعنة في مصر القديمة، وهو ما اعتُبر لحظة تأسيسية لتقويم أمازيغي يكرم إرث الشعوب الأمازيغية. هذا الحدث ليس فقط تعبيراً عن انتصار سياسي وعسكري، بل هو أيضاً احتفاء بالاستمرارية الثقافية والهوية المتجذرة لهذه الحضارة.
تتميز احتفالات السنة الأمازيغية بطقوس خاصة تعكس الانسجام بين الإنسان والطبيعة، حيث يحتفل المغاربة بهذا اليوم من خلال إعداد أطباق تقليدية مثل “تاگلا” و”أوركيمن”، وهي أطعمة تجسد الوفرة والارتباط بالأرض والزراعة. كما يُعتبر هذا الاحتفال فرصة لتعزيز الروابط العائلية والمجتمعية، وتجديد الالتزام بالقيم الثقافية الأمازيغية.
على مر العصور، تمكن الأمازيغ من الحفاظ على تقاليدهم رغم التغيرات التاريخية والسياسية التي شهدتها المنطقة. ويظهر ذلك جلياً في اللغة، الفن، والعادات التي بقيت حاضرة كجزء لا يتجزأ من هوية المغرب. وقد شهدت السنوات الأخيرة اهتماماً متزايداً بالثقافة الأمازيغية، خاصة بعد دسترة اللغة الأمازيغية في دستور 2011، وإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية في خطوة تعكس احترام التنوع الثقافي للمملكة.
السنة الأمازيغية ليست مجرد احتفال عابر، بل هي مناسبة للتأمل في عمق الحضارة الأمازيغية واعتبارها عنصراً أساسياً في تشكيل الهوية المغربية. إنها تذكير مستمر بضرورة الحفاظ على هذا التراث الغني ونقله للأجيال القادمة باعتباره أحد مكونات الوحدة الوطنية والتعدد الثقافي الذي يميز المغرب عن غيره من الأمم.