حين تسقط الكرامة تحت قدم السلطوية
بقلم : محمد القاسمي
في مشهد مؤلم، وبأسلوب سلطوي لا يرحم، تجلى من خلاله الوجه القاسي للسلطة، تعرض المدير الإقليمي للتعليم في سطات لموقف مهين على يد عامل الإقليم، الذي اختار الاستعراض والتسلط على كرامة المسؤولين أمام الجميع. في حادثة لم يكن لها مبرر سوى استعراض القوة، تذوق فيها المسؤول عن التعليم مرارة الإهانة في موقف يعبّر عن عودة قوية للسلطوية المتعطشة للهيمنة، التي لا تلتفت لكرامة الإنسان.
السلطة التي ينبغي أن تكون أداة لخدمة المواطن ورفاهه، تحولت في هذا السياق إلى أداة للإذلال والاحتقار. فقد أظهرت الحادثة أن المسؤولين لا يعاملون وفق معايير القانون والعدالة، بل وفقا لرغبات شخصية وتوجهات سلطوية، تطغى على قيم الاحترام والتقدير التي يجب أن تحكم علاقة المسؤول بالمواطن.
ومن المؤسف أن صمت المدير الإقليمي في تلك اللحظة، رغم أنه كان في موضع يقتضي الدفاع عن نفسه وكرامته، أضاف إلى حجم الصدمة التي تعرض لها، مما يجسد لنا حجم تأثير الخوف الذي أصبح يطغى على حياتنا اليومية. هذا الخوف ليس من سلطة القانون، بل من سلطة غاشمة تتكئ على الإهانة والإذلال كأداة لتحقيق مصالحها.
إن الكرامة ليست مجرد كلمة تردد في المناسبات، بل هي حق مكفول لكل إنسان، مهما كانت منصبه أو مرتبته. ولا يجب أن يمر مثل هذا المشهد مرور الكرام، بل ينبغي أن يكون نقطة تحول في التعامل مع هذه الظاهرة التي تهدد احترام الإنسان في وطنه. إذا لم يتحرك الموقف المسؤول في الوقت المناسب لتصحيح هذه التجاوزات، فالمجتمع بأسره سيكون هو الضحية الحقيقية لهذه السلطوية المستفحلة.
ومن هنا، لابد أن يتدخل أعلى سلطة في البلاد، فبداية من الملك الذي لطالما كان رمزًا للعدالة والكرامة، يمكن أن يضع حداً لهذه التصرفات التي تسيء لسمعة الدولة، وتزيد من معاناة المواطنين الذين يعانون من ظلم القوي.
متى سنستطيع العيش في بلد تكون فيه كرامتنا مصونة؟ متى سنحيا في دولة لا يعامل فيها المسؤولون وفق أهواء السلطويين؟ هذه الأسئلة تبقى معلقَة حتى تلوح في الأفق بادرةُ تغيير حقيقي، تضمن للمغاربة جميعهم العيش بحرية وكرامة، بعيدًا عن قسوة السلطة وظلمها.