“العلماء العرب” أم “الجهلاء العرب”؟ تعليق على تدوينة الحبيب حاجي

خرجت إلى الساحة مؤخراً كيان يُعرف باسم “رابطة العلماء العرب”، وهو اسم يبدو أنه وُضع ليخيف ويُبهر أكثر مما يُعبّر عن أي تأثير حقيقي أو قيمة معرفية، في تدوينة للمحامي الحبيب حاجي، كشف عن زيف هذا الكيان الذي لا يبدو أنه يتجاوز بضعة أفراد، متسائلاً عن طبيعة الخطاب الذي يروّج له ومدى ارتباطه بالفكر المتطرف الذي يهدد النسيج الاجتماعي والثقافي للمغرب والمنطقة.

يشير حاجي بوضوح إلى أن هذه الرابطة، التي حملت اسم “رابطة علماء المغرب العربي” في إحدى بياناتها، لا وجود فعلي لها على أرض الواقع، وهي أقرب إلى واجهة خادعة تسعى لترويج خطاب إقصائي تحت غطاء الدين، وتساءل حاجي مستنكراً: هل هؤلاء علماء حقاً أم مجرد جهلاء يسعون لترويج أفكار مدمرة تحت عناوين مضللة؟

إن اختيار اسم مثل “رابطة علماء المغرب العربي” ليس بريئاً، بل يحمل في طياته محاولة لفرض هوية ثقافية ودينية أحادية تتجاهل التعددية الثقافية والتاريخية للمغرب، الذي يظل في جوهره أمازيغياً، حاجي في تدوينته يشدد على أن مثل هذه التسميات تُعبّر عن جهل بالواقع المغربي وتاريخه، مؤكداً أنه كان من الأنسب لهم اختيار اسم مثل “رابطة علماء المغرب الإسلامي” بدلاً من السقوط في وهم “العروبة” المفرط الذي يعمق الانقسامات الثقافية.

لكن المشكلة لا تقف عند حدود الاسم، بل تمتد إلى خطورة الخطاب الذي تروّج له هذه الكيانات، والذي يشكل تربة خصبة لإعادة إنتاج الفكر الداعشي بمسميات مختلفة، البيان الأخير للرابطة يعكس انحيازاً واضحاً نحو تبني خطاب ديني متشدد يُقصي الآخر، ويُغذي التطرف بدلاً من المساهمة في إصلاح المجتمعات ومواجهة التحديات الحقيقية التي تعيشها.

إن مواجهة مثل هذه الكيانات لا يجب أن تقتصر على كشف زيفها، بل ينبغي أن تتعدى ذلك إلى تعزيز خطاب بديل يقوم على التعددية والاعتراف بالهويات المتنوعة للمجتمعات العربية، المغرب أمازيغي بجذوره وثقافته، ومحاولات فرض هوية مغايرة عليه ليست سوى إعادة إنتاج لنهج إقصائي أثبت فشله.

كما جاء في تدوينة الحبيب حاجي، هؤلاء لا يمكن وصفهم بالعلماء، بل هم جهلاء يتوارون خلف عناوين كبيرة تخفي تحتها أجندات مشبوهة، يجب أن نكون حذرين من الانخداع بهذه الكيانات الوهمية، وأن نواجهها فكرياً وقانونياً لحماية المجتمع من خطابها الذي لا يقل خطورة عن فكر الجماعات المتطرفة.

إن التصدي لمثل هذه الكيانات واجب يتطلب شجاعة فكرية وموقفاً صريحاً ضد محاولات استغلال الدين والهوية لتحقيق أهداف تدميرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى