المملكة الشريفة والامتداد بأفريقيا .. خطوات ملك على قدم رؤية نبي
بقلم : حمزة الحساني
(باحث بالفكر الاسلامي وحوار الاديان)
أخذت إمارة المؤمنين بالمملكة المغربية الشريفة، على عاتقها، تحمل مسؤوليتها الروحية الإيمانية بإفريقيا، وتحقيق الاستخلاف كما أراد الحق سبحانه وأمر؛ وإفريقيا هي الملاذ الآمن للروحانية والديانات، إذ كثير من أراضي القارة، شاهدة برموزها الدينية على كثير من الحقب الدينية التاريخية، ومن ذلك أرض الحبشة مثلا ..
يمكننا القول بأن إفريقيا هي أول خزان احتياطي لحفظ الإسلام، وأول مستودع لا تضيع به الودائع، استخدمه المصطفى صلى الله عليه وءاله وسلم لحفظ أول مخزون احتياطي للدعوة، بعد أن ضاقت مكة وأرض العرب بما رحبت، على المسلمين، ليجهز المصطفى صلى الله عليه وءاله وسلم، أول بعثة إسلامية، يترأسها جعفر ابن أبي طالب، إلى أرض الحبشة باعتبارها مملكة عادلة ظاهرا، وأرضا للديانات باطنا.
هذه الخطوة كانت رؤية نبوية لحفظ ونشر الدين، بالقارة المجاورة لأرض العرب، ومنذ ذلكم الحين والإسلام السمح بهذه القارة، ينتشر ويتمدد، ويؤطر حياة الناس ويُخَلّقهم، واليوم وقد وفق الله إمارة المؤمنين بهذا البلد الأمين للقيام في هذا الباب، نيابة عن المصطفى صلى الله عليه وءاله وسلم، وتحقيقا لرؤيته الاستراتيجية في حفظ ونشر دين الله، وقيمه السمحة، وخاصة في زمن مولانا أمير المؤمنين حفظه الله ورزقه بالقرءان الكريم الشفاء والعافية، واللطف مع الحفظ.
في هذه المرحلة السنوية بيناير، يتخرَّج الفوج السنوي من معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، إذ يُكوّن بهذا المعهد سنويا علماء شباب، وأئمة مرشدون ومرشدات، مغاربة وأفارقة، وإلى جانب ذلك تحتفل مالي الشقيقة بتخرج 100 إمام وخطيب، تكوّنوا بالمعهد بالرباط، وتم تأهيلهم لنشر رسالة الإسلام، رسالة المحبة والسلام، النسخة الأصلية من الدين، بعيدا عن التشدد والكراهية، والفكر الظلامي الذي لا صلة له بالدين، ويشوِّه رسالة الله للعالمين، تنفيرا وتكفيرا ..
العالم اليوم بحاجة إلى من يرسم له طريق النور، ويخطو به نحو السلام، اهتداء لا اعتداء، كما أراد الله، ويسَّر، بعيدا عن أي أيديولوجيا أو تحزّب، تنزيل الوحي بالوحي، لا بشيء آخر، والتجربة التدينية المغربية تعد اليوم رائدة بالعالم، سواء بالمجال الأفريقي أو الأوربي، وهذه الثمار لم تأت سُدىً، بل هي نتيجة جهود وأعمال تواصل من أجلها الليل بالنهار، وقام بها لله رجال ونساء، آثروا مصلحة الدين على مصلحة أنفسهم، بارك الله جهودهم، وأثمر إنباتهم، وبارك جهود مولانا أمير المؤمنين وحفظه بأنوار وأسرار القرءان الكريم.
الامتداد المغربي بأفريقيا هو امتداد إيجابي، كله خير، قائم على رابح رابح، وبعيد كل البعد عن الامبريالية وتبعاتها، التي تقوم على استنزاف الخيرات والثروات، بل هو قائم على مهمة الاستخلاف والاستئمان، العمران لا الاستعمار، لأن الأخوة الدينية والإنسانية تقتضي ذلك، ومن هذا المنبر والمقام، نَذكُر ونُذكّر أن هذه الخطوات تسير على خطى المصطفى صلى الله عليه وءاله وسلم، وتحقق مبتغاه ومراده، وكل التهاني والتبريكات للمملكة الشريفة بهذا التوفيق الرباني الذي لا ينفذ خيره ولا يضيع، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.