إلياس الخريسي..نموذج للدجل المعاصر في عباءة الدين
يبدو أن إلياس الخريسي قد نصب نفسه “واعظًا” في زمن تعج فيه منصات التواصل الاجتماعي بالدعاة المزيفين، الذين يخلطون بين الجهل والأفكار السطحية ويقدمونها كحكم دينية. آخر ما تفتقت عنه عبقريته هو دعوته للتعامل مع الزواج كعقد مصلحي بحت، حيث أهان المرأة بشكل فج وصرّح بتصريحات تكشف عن فهم مغلوط للدين والقيم الإنسانية.
يقول الخريسي، بأسلوب ينضح بالجهل والعنجهية: “انتهى زمن النية، الآن يجب توقيع اتفاقية مع زوجتك تضمن بها حقوقك”، وكأن الزواج عنده مجرد صفقة تجارية، تنتهي فور تحقيق الشروط المادية. بل زاد على ذلك بقوله: “قبِلت تزوج بها، إن لم تقبل ابحث عن أخرى. عطا الله بنات الناس”، وهو كلام ينسف تمامًا مفهوم الزواج في الإسلام الذي يقوم على المودة والرحمة كما جاء في قوله تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً” (سورة الروم: 21).
الخريسي الذي يدّعي الدفاع عن حقوق الرجال يتجاهل عن عمدٍ أن الإسلام شرّع الزواج كرباط مقدس، لا كعقد مصلحي يُفصم عند أول اختلاف. زعمه بأن “الحب يعمي العين” يظهر رؤيته القاصرة عن العلاقات الإنسانية، إذ يشوه مفهوم الحب الذي هو جزء من المودة التي دعا الإسلام إلى تأسيس الأسرة عليها.
أين هو من تعاليم النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال: “خياركم خياركم لنسائهم”؟ هل نسي أن الإسلام أوصى بالنساء خيرًا، واعتبر الزواج ميثاقًا غليظًا كما في قوله تعالى: “وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا” (سورة النساء: 21)؟
الخريسي ليس إلا نموذجًا صارخًا للجهل المقنع، يتحدث عن الدين وهو لا يملك من العلم شيئًا، ولا يفقه في مقاصده ولا في أخلاقه. كيف لمن يدعي أنه يتحدث باسم الدين أن ينشر أفكارًا تدعو للفوضى والاستهزاء بقوانين البلاد؟ كيف لرجل يجهل مبادئ الشريعة الأساسية أن يعطي نفسه الحق في انتقاد مدونة الأسرة دون فهمٍ أو دراية؟
مدونة الأسرة، رغم وجود نقاشات مشروعة حولها، جاءت لتقنين العلاقة بين الزوجين وضمان حقوق كل الأطراف وفق مبادئ الشريعة الإسلامية، فهل يريد الخريسي العودة إلى زمن الفوضى حيث تُهدر حقوق النساء والأطفال باسم الجهل؟
الدين ليس شعارات جوفاء ولا خطابات شعبوية تتلاعب بمشاعر الناس. من أراد الحديث باسم الإسلام فعليه أن يتسلح بالعلم الشرعي والفهم العميق، لا أن يروج أفكارًا سطحية هدفها تحقيق الشهرة الرخيصة على حساب قيم الدين ومبادئه السامية.
إلياس الخريسي ليس سوى داعية للفوضى، ورجلٌ يعاني من جهل مركب يضر أكثر مما ينفع. دعوته إلى تشييء المرأة وتحويل الزواج إلى عقد مادي يكشف أنه لا يفهم شيئًا عن الإسلام، الذي أكرم المرأة وأوصى بالعدل في التعامل معها. على المجتمع أن يرفض هذه الأصوات المضللة التي لا تمثل سوى ظاهرة عابرة لن تستمر أمام وعي الناس بحقائق الدين ومقاصده.