تدوينة الشيخ الفيزاري: جدل اجتماعي حول حقوق المرأة وتأثيراتها على الأسرة
أثارت تدوينة للشيخ الفيزاري على منصات التواصل الاجتماعي نقاشاً واسعاً بين مؤيد ومعارض لما حملته من انتقاد ضمني للتشريعات والقوانين الحديثة المتعلقة بحقوق المرأة، خاصة المطلقات.
التدوينة، التي بارك فيها الشيخ للمطلقات على مكتسباتهن القانونية الجديدة، كالحضانة المستمرة، والنفقة حتى بعد الزواج من رجل آخر، وحق الإقامة في بيت الزوجية دون تقسيمه مع التركة، أثارت موجة من الجدل حول انعكاسات هذه القوانين على الأسرة، ودورها في تغيير التوازن التقليدي بين الزوجين.
يبدو أن الشيخ الفيزاري يرى أن هذه القوانين، وإن كانت تهدف إلى حماية حقوق النساء، قد تجعل الزواج أكثر تعقيداً والطلاق أكثر تكلفة، ما قد يدفع الرجال إلى التردد في الإقدام على الزواج أو حتى إنهاء زيجاتهم عند الضرورة. بل إن الشيخ ذهب إلى تهنئة الرجال بـ”نعمة العزوبة” والنساء بـ”عنوستهن”، في إشارة إلى التحولات الاجتماعية التي قد تنشأ عن هذه التشريعات.
التدوينة لاقت تفاعلاً كبيراً؛ فالبعض اعتبرها صرخة تحذير من اختلال التوازن الأسري، فيما رأى آخرون أنها تعكس نزعة للتقليل من شأن الإنجازات الحقوقية للمرأة، واعتبروا أن الحفاظ على حقوق النساء لا يتعارض مع استقرار الأسرة إذا تم تطبيق القوانين بحكمة.
التشريعات الحديثة التي تمنح المطلقة حقوقاً موسعة، مثل الحضانة والنفقة وحق الإقامة، تأتي استجابة لمطالب نسائية متعددة تهدف إلى حماية المرأة وأبنائها من التبعات السلبية للطلاق. لكنّ المنتقدين يرون أن هذه القوانين، إذا لم تُوازن بمراعاة حقوق الرجل، قد تخلق بيئة يفضل فيها الرجال العزوف عن الزواج أو التعدد، وقد تجعل الطلاق قراراً مكلفاً يصعب اتخاذه حتى في الحالات التي تستدعيه.
من جهة أخرى، يرى أنصار هذه التشريعات أن ما وصفه الفيزاري بـ”النصر المبين” للنسويات والحداثيين هو في الواقع خطوة نحو تصحيح أوضاع اجتماعية ظلت مجحفة بحق النساء لعقود. ويؤكدون أن ضمان حقوق المرأة هو ضمان لاستقرار الأسرة، إذا ما تم التعامل مع القوانين بوعي واحترام من جميع الأطراف.
في ختام تدوينته، يطرح الشيخ الفيزاري تساؤلاً يحمل في طياته الكثير من القلق: “ثم ماذا بعد؟”. وهو تساؤل يعكس هاجساً مشتركاً لدى شرائح واسعة من المجتمع حول مستقبل الأسرة، وتأثير التحولات القانونية والاجتماعية على منظومة القيم والعلاقات الزوجية.
يبقى السؤال قائماً: هل يمكن أن تحقق هذه القوانين توازناً يضمن حقوق المرأة دون أن تؤدي إلى نفور الرجال من الزواج؟ أم أننا أمام تحولات عميقة قد تعيد تشكيل مفهوم الأسرة كما نعرفها؟
الحوار المفتوح والوعي الاجتماعي قد يكونان السبيل الوحيد لضمان توافق هذه التشريعات مع القيم الثقافية، بما يحفظ حقوق المرأة ويصون استقرار الأسرة في آن واحد.