التحالف الصوفي العالمي كأمل للمستقبل المشترك ومواجهة تحديات العصر الكبرى

في عالم تتراكم فيه الأزمات الظاهرة والمآسي الباطنة، يتعالى صوت التصوف، نقيًا كنسمة الفجر، ليكشف عن طريق روحي عميق، ذلك الطريق الذي سار عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعَبَرَه شيوخ التصوف بقلوب تخفق بنور الإخلاص والمحبة، واليوم، ينبعث هذا النور من جديد من خلال “التحالف العالمي للطرق الصوفية”، الذي تأسس ليجمع بين قلوب العارفين وأهل البصائر من كل بقاع الأرض، محققًا رؤية عميقة لتعزيز السلام والتفاهم بين الشعوب عبر قيم التصوف السامية.

لقد أسس هذا التحالف من رحم إدراك عميق أن التصوف ليس مجرد مذهب روحي، بل هو جوهر الإنسانية القائم على تزكية النفس وتطهير القلب، سعيًا لبلوغ حالة من السلام الداخلي تنعكس على العالم الخارجي. وكما قال الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي: “السلام يُشرق في قلب العارف كأنوار من العرش، تنير درب المحبة والتآلف بين القلوب”، فالتصوف هو تجسيد حيّ لهذه المحبة الخالصة والتفاهم المتبادل.

وفي هذا السياق ، التقى شيوخ من طرق صوفية متعددة ليضعوا حجر الأساس لهذا التحالف، في حدث تاريخي يُمثل لقاءً للأرواح العطشى إلى المحبة، سعيًا لمواجهة ظواهر التطرف والكراهية التي تتفاقم في عصرنا، رؤية هذا التحالف تتجسد في الدعوة إلى التزكية الذاتية، ودعم الإصلاح الروحي كسبيل لإعادة بناء العمق الإنساني، بحيث تنبثق من القلوب واحات التسامح ونهر السلام.

وكما ذكر الإمام الغزالي: “النفس تزكو إذا ما ارتوت من معين المحبة الصادق وابتعدت عن شرور الدنيا”، فإن هذا التحالف يدعو كل من يحمل في قلبه بذرة محبة لأن ينضم إلى صفوف السالكين في هذا الدرب، لإعلاء قيم الإنسانية السامية. يتألف التحالف من شيوخ وقادة صوفيين من بقاع مختلفة، يضمون تحت رايته مراكز روحية وطرقًا متنوعة، ليصبحوا سفراء للسلام والأمل في عالم يشتعل بالصراعات.

وأكد رئيس التحالف، الشيخ مولاي رزقي كمال الشرقاوي القادري، أن هذه المبادرة تأتي لترسيخ فكرة أن الإنسان بعمق روحه قادر على بناء عالم يسوده السلام، وأن التصوف، كمنهج ينبع من حب الله وحب الإنسان، يملك القدرة على تغيير مسار الأجيال، هذا التحالف ليس مجرد كيان تنظيمي، بل هو دعوة حية لجمع الطاقات الروحية وتوحيدها، مدفوعين بالإيمان بأن المحبة والسلام هما السبيل لإنقاذ العالم من تيارات الكراهية والضياع.

فكما قال الرومي: “الحب يذيب الجدران ويجمع الأرواح”، فإن التحالف العالمي للطرق الصوفية هو دعوة مفتوحة لكل فرد يحمل في قلبه حبًا للسلام والتسامح، ليكون جزءًا من هذا التغيير العميق الذي يهدف إلى جمع شمل الإنسانية على مبادئ المحبة والتفاهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى